الاستراباذي المعروف بالفصيحي رحمه الله يقول في الشجة التي تعرف عندهم بالمنقلة، وهي التي تنقل منها العظام، إنها المنقلة بكسر القاف، ويرى كونها على صيغة الفاعل لا المفعول هو الوجه لا يجيز غيره، ويقول الشجاج كلّها إنما جاءت على صيغة الفاعل كالحارصة والدامية والدامعة والدامغة والباضعة والمتلاحمة والموضحة والمفرشة وأشباههن، قال وكذا ينبغي أن تكون المنقلة بكسر القاف، وكأنها عنده رواية عضدها قياس. قال: وكان شيخنا موهوب بن أحمد رضي الله عنه ينكر «١» ذلك عليه ويعده تصحيفا، ويضبط اللفظة بفتح القاف على أنها صيغة مفعول ويكتب فوق القاف ما هذه صورته (فتح) ويقول: أيّ قياس مع الرواية؟ هذا وهي تنقل منها العظام فيتعلق أيضا بالتفسير، ولعمري إن الأشهر فيها الفتح، وهكذا ذكره أبو عبيد وابن السكيت عن الأصمعي قال: ثم المنقلة وهي التي يخرج منها العظام «٢» ؛ وكان شيخنا موهوب رحمه الله يرى الكسر في قاف المنقلة تصحيفا محضا لا وجه له، على أن أبا محمد ابن درستويه قد حكى عنه الكسر كما قال الفصيحي.
قال: وقرأت بخط العبدري وأخبرني به في كتابه قال: سمعت محمد بن العالي اللغوي يقول: رويت بالوجهين جميعا. وحكى العبدريّ الكسر عن ابن درستويه أيضا، ولست أدري هل تعلق الفصيحي فيما ذهب إليه بقول ابن درستويه أو غيره ممن لعله حكى الكسر أم لا، وهل رغب شيخنا موهوب عن الكسر بعد أن علم أنه قد حكي ولم يعتدّ بمكانة من حكاه أم لا، والأشبه أنه لا يكون بلغه فإنه قلّما كان يدفع قولا لمتقدم ولو ضعف. وأنا أقول إن النزاع في هذه اللفظة وشبهها المرجع فيه إلى محض الرواية عنهم، والمعوّل في ذاك على ما يضبطه الأثبات فيها، وقد قدمت من المشهور فيها الفتح كما قال شيخنا موهوب، ولا حجة له في أنهم فسروها بأنها تخرج منها العظام وتنقل فإنا لو خلّينا وهذا الحجاج ووكلنا في إثبات لغة الفتح إليه لكان للخصم أن يقول إن الشجة وهي الضربة التي أدت إلى نقل العظام فهي المنقلة لأنها حملت على النقل، ولا حجة لشيخنا الفصيحي أيضا مع اشتهار الفتح فيها في حمله