للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للنجعة فرآها فوقعت منه بموقع، فتزوجها ونقلها إلى أهله، وكانت ربما خرجت في الأحيان إلى البادية استرواحا على ما ألفته ونشأت عليه «١» ويخرج ابنها معها مدّة، قال:

وكانت امرأة صالحة مصلية حسنة «٢» العبادة فصيحة اللهجة «٣» وكانت اذا أردت سفرا اشتغلت بما يصلح أموري في السفر وهي تبكي وتقول «٤» :

أجهّز زيدا للرحيل وإنني ... بتجهيز زيد للرحيل ضنين

وحدثني أطال الله بقاءه قال «٥» : كنت وأنا صبي قد قدمت من مصر واستصحبت إلى قفط «٦» سنورا أصبهانيا على ما تقتضيه الصبوة، واتفق أن ولدت عدة من الأولاد في دارنا، فنزل سنور ذكر فأكل بعض تلك الجراء، فغمّني ذلك وأقسمت أن لا بدّ لي من قتل الذي أكلها، فصنعت شركا ونصبته في علّية في دارنا وجلست، فإذا السنور «٧» قد وقع في الحبالة، فصعدت إليه وبيدي عكّاز وفي عزمي هلاكه، وكان لنا جيرة وقد خرب الحائط بيننا وبينهم، ونصبوا فيه بارية إلى أن يحضر الصنّاع، وكان لربّ تلك الدار بنتان لم يكن فيما أظن أحسن منهما صورة وجمالا وشكلا ودلالا «٨» وكانتا معروفتين بذلك في بلدنا، وكانتا بكرين، فلما هممت بقتله إذا قد انكشف جانب البارية، فوقعت عيني على ما بهر المشايخ فكيف الشبان حسنا وجمالا، وإذا هما تومئان إليّ بالأصابع تسألاني إطلاقه، قال: فأطلقته ونزلت وفي قلبي منهنّ ما فيه لكوني كنت أول بلوغي، والوالدة جالسة في الدار لمرض كان بها، فقالت لي: ما أراك قتلته كما كان عزمك، فقلت لها: ليس هو المطلوب إنما هو سنور غيره، فقالت: ما أظنّ الأمر على ذلك، ولكن بالله هل أومىء إليك بالأصابع حتى تركته؟

<<  <  ج: ص:  >  >>