رمان، فمددت يدي إليها وتناولت منها قال: فرأيت أتابك وهو يتعجّب، فقلت له:
ما الخبر؟ فقال: اعلم انه ليس في هذا الطعام شيء أعلم من أين وجهه، وهو من عمل منزلي غير هذه الدجاجة، والباقي فجاءنا من جهة ما نفسي بها طيبة، وتشاركت أنا وهو في تلك الدجاجة مع بغضي لحبّ الرمان، وكان أتابك لا يأكل إلا من مال الجوالي فقط. فجعلت أعجب من ذلك، فقال- أدام الله علوّه: اعلم أنني لا أحسب هذا كرامة لي، ولكني أعدّه نعمة من الله في حقي، فإن امتناعي لم يكن عن شيء كرهته ولا ريب اطلعت عليه، ولكن كان انقباضا ونفرة لا أعرف سببها ولا الابانة عن معناها.
كان صفي الدين الأسود كاتب الملك الأشرف «١» عند نزول الملك الأشرف بحلب قد عرض كتابا له يعرف بالتذكرة لابن مسيلمة (وكان معروفا بالبغاء) أحد كتاب مصر يشتمل على قوانين الكتابة وآيين الدولة العلوية وأخبار ملوك مصر المتقدمين في اثني عشر مجلدا ودفع له فيه ما سمح ببيعه، وعرض على الصاحب الكبير العالم جمال الدين الأكرم- أدام الله علاه وكبت أعداءه- فأراد شراه، واتفق رحيل الملك الأشرف إلى نواحي «٢» الجزيرة فأرسل إليه ثمنه وزيادة في مثله وافرة، فلما علم صفي الدين أن المشتري هو الوزير- أدام الله علوه- ضنّ بالكتاب واعتبط، واحتج وخلط، وزعم انه قدمه للخزانة الأشرفية، فكتب الصاحب الوزير إلى أبي علي القيلوي «٣» - وكان وسيطه في شرى الكتاب المذكور- ما هذه نسخته. العزة لله وحده:
أتاني كتاب من حبيبي فشاقني ... إليه وزاد القلب وجدا إلى وجد
وكدت لما أضمرت من لاعج الهوى ... ووجدا على ما فات أقضي من الوجد
وقفت على الكتاب الكريم الصادر عن المجلس السامي القضائي العزي لا زالت سيادته تتجدد، وسعادته تتأكد، وفواضله تتردد، وفضائله عن مجلسه تصدر وفي المجالس تورد، وعلمت إشارته في التذكرة المسيلمية والنية في حملها إلى الخزانة