البصرة وفارس والأهواز واليمامة والبحرين والعرض، وهذه الأعمال جمعت للمعلى بن طريف صاحب نهر المعلى ولمحمد بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس.
وكان «١» عمارة سخيا سريا جليل القدر رفيع النفس كثير المحاسن، وله أخبار حسان، وكان أبو العباس يعرف عمارة بالكبر وعلوّ القدر وشدّة التنزّه، فجرى بينه وبين أمّ سلمة بنت يعقوب بن سلمة المخزومية زوجته كلام فاخرته فيه بأهلها، فقال لها أبو العباس: أنا أحضرك الساعة على غير أهبة مولى من مواليّ ليس في أهلك مثله، ثم أمر باحضار عمارة على الحال التي يكون عليها، فأتاه الرسول في الحضور فاجتهد في تغيير زيه فلم يدعه، فجاء به إلى أبي العباس وأم سلمة خلف الستر، وإذا عمارة في ثياب ممسكة قد لطّخ لحيته بالغالية حتى قامت واستتر شعره فقال: يا أمير المؤمنين ما كنت أحبّ أن تراني على مثل هذه الحال، فرمى إليه بمدهن كان بين يديه فيه غالية فقال: يا أمير المؤمنين أترى لها في لحيتي موضعا؟ فأخرجت إليه أمّ سلمة عقدا كان له قيمة جليلة وقالت للخادم: أعلمه أنني أهديته إليه، فأخذه بيده وشكر أبا العباس ووضعه بين يديه ونهض، فقالت أم سلمة لأبي العباس، إنما أنسيه، فقال أبو العباس للخادم: الحقه به وقل له هذا لك فلم خلّفته؟ فاتبعه الخادم، فلما وصل إليه قال له: ما هو لي فاردده، فلما أدّى الرسالة قال له: إن كنت صادقا فهو لك، وانصرف الخادم بالعقد وعرّف أبا العباس ما جرى وامتنع من ردّه على أم سلمة وقال: قد وهبه لي، فاشترته منه بعشرين ألف دينار.
وكان عمارة يقول «٢» : يخبز في داري ألفا رغيف في كلّ يوم يؤكل منها ألف وتسعمائة وتسعة وتسعون رغيفا حلالا وآكل منها رغيفا واحدا حراما وأستغفر الله.
وكان يقول: ما أعجب قول الناس فلان ربّ الدار إنما هو كلب الدار.
وكانت نخوة «٣» عمارة وتيهه يتواصفان ويستسرفان، فأراد أبو جعفر أن يعبث به،