بكتابه، فلما نظر فيه رأى كلّ ما حكى، فقال: يجب أن يكون هذا الرجل قد صدق عن الخليل في جميع ما حكاه كما صدق فيما حكاه عني.
وذكر صاعد بن أحمد الجياني من أهل الأندلس في كتابه «١» قال: لا أعرف كتابا ألف في علم من العلوم قديمها وحديثها فاشتمل على جميع ذلك العلم وأحاط بأجزاء ذلك الفن غير ثلاثة كتب: أحدها المجسطي لبطلميوس في علم هيئة الأفلاك، والثاني كتاب ارسطا طاليس في علم المنطق، والثالث كتاب سيبويه البصري النحوي، فإن كلّ واحد من هذه [الكتب الثلاثة] لم يشذّ عنه من أصول فنه شيء إلا ما لا خطر له.
وكان «٢» إذا أراد إنسان قراءة كتاب سيبويه على المبرد يقول له: أركبت البحر، تعظيما واستصعابا.
وحدث محمد بن سلام قال «٣» : كان سيبويه جالسا في حلقته بالبصرة، فتذاكرنا شيئا من حديث قتادة، فذكر حديثا غريبا وقال: لم يرو هذا إلا سعيد بن أبي العروبة، فقال بعض ولد جعفر بن سليمان: ما هاتان الزائدتان يا أبا بشر؟ فقال: هكذا يقال لأن العروبة هي الجمعة، ومن قال ابن عروبة فقد أخطأ، قال ابن سلام: فذكرت ذلك ليونس فقال: أصاب لله دره.
وحدث ابن النطاح قال «٤» : كنت عند الخليل بن أحمد فأقبل سيبويه فقال الخليل: مرحبا بزائر لا يمل قال [أبو عمر المخزومي]«٥» وكان كثير المجالسة للخليل: وما سمعت الخليل يقولها لغيره. قال: وكان شابا جميلا نظيفا.
وحدث أحمد بن معاوية بن بكر العليمي قال: ذكر سيبويه عند أبي فقال:
عمرو بن عثمان، قد رأيته، وكان حدث السن، كنت أسمع في ذلك العصر أنه أثبت من حمل عن الخليل، وقد سمعته يتكلم ويناظر في النحو، وكانت في لسانه حبسة، ونظرت في كتابه فرأيت علمه أبلغ من لسانه.