قال إبراهيم: فأمرت أن يكتب جواب الكتاب ويوجه إليه بمائة دينار، ودخل أبو العيناء فأقرأته الشعر فقال: أعطني نصف المائة فانه هجاه والله بكلامي فأخذ خمسين، ووجهت إلى البحتري بخمسين وعرّفته الخبر، فكتب إليّ، صدق والله ما بنيت أبياتي إلا على معناه.
وحدث المرزباني في «كتاب المعجم» قال: كتب الفضل بن محمد بن أبي محمد اليزيدي إلى أبي صالح ابن يزداد، وكان يداعبه وجرت بينهما جفوة:
استحي من نفسك في هجري ... واعرف بنفسي أنت لي قدري
واذكر دخولي لك في كلّ ما ... يجمل أو يقبح من أمر
قد مرّ شهران ولم ألقكم ... لا صبر لي أكثر من شهر
وحدث ابن ناقيا في «كتاب ملح الممالحة» قال، قال الفضل بن محمد اليزيدي: كان محمد بن نصر بن منصور بن بسام الكاتب أسرى منزلا وآلة وطعاما وعبيدا، وكان ناقص الأدب، وكنت أختلف إلى ولده وولد عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم ليقرءوا عليّ الأشعار، وكان عبد الله بن إسحاق سريا جاهلا، فدخلت يوما والستارة مضروبة ومحمد بن بسام وعبد الله بن إسحاق يشربان وأولادهما بين أيديهما وكانوا قد تأدبوا وفهموا، فغنّي بشعر جرير:
ألا حيّ الديار بسعد إني ... أحبّ لحبّ فاطمة الديارا
فقال عبد الله بن إسحاق: لولا جهل العرب ما كان ذكر لسعد هاهنا، فقال محمد بن بسام: لا تفعل يا أخي فانه يقوّي معدتهم ويصلح أسنانهم. قال الفضل اليزيدي فقال لي علي بن محمد بن نصر: بالله يا أستاذ اصفعهما وابدأ بأبي.