اجتمعنا في مجلس أبي العباس ثعلب فقلت لأبي العباس: ما أراد الشاعر بقوله:
أحاجيك ما قبر عديم ترابه ... به معشر موتى وإن لم يكفّنوا
سلوت عن التبيان مدة قبرهم ... فإن نبشوا يوما من الدهر بينوا
فسكت ساعة ثم قال: الدواة، فلما انصرفت إلى منزلي إذا الدواة قد سبقتني إليه.
قال جحظة: دعوت فضيلا الأعرج، وكان عندنا جماعة، فكتب إلينا:
أنا في منزلي وقد رزق الله ... نديما ومسمعا وعقارا
فاعذروني بأن تخلفت عنكم ... «شغل الحلي أهله أن يعارا»
ومثله لغيره [١] :
حيّ طيفا من الأحبة زارا ... بعد أن نوّم الكرى السّمارا
داعيا في الوصال تحت دجى ... الليل عيونا عن الوصال سهارى
قلت ما بالنا جفينا وكنّا ... قبل ذاك الأسماع والأبصارا
قال إنا كما عهدت ولكن ... «شغل الحلي أهله أن يعارا»
قال جحظة: وسألت الحسن بن مخلد حاجة فقال: إذا كان بعد ثلاث عرّفتك، فقلت: يا سيدي تعدني أن تعدني.
قال جحظة في أماليه: كنت جالسا عند صديق لي، فجاءه رقعة من منزله فلما نظر فيها ضرط، فحادثته ساعة واغتفلته وأخذتها وإذا فيها: قد فني الدقيق وغدا الخبزة.
وأنشد لنفسه في أماليه يقول:
يقول لي مالكي والدمع منحدر ... لا خفّف الله ربّ العرش بلواكا
وإن دعوت عليه عند معتبة ... يقول قلبي له في السرّ حاشاكا
[١] البصائر ٤ رقم: ١٢٦ (ص: ٥٤) .