للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مخابئها، ويجمعون ما تفرّق منها. إن الكلام قاض يجمع بين الخصوم، وضياء يجلو الظلام، وحاجة الناس إلى موادّه كحاجتهم إلى موادّ الأغذية.

وقال الزهري [١] ما أحدث الناس مروءة أحبّ إليّ من تعلم النحو.

وقال شاعر يصف النحو:

اقتبس النحو ونعم المقتبس ... والنحو زين وجمال ملتمس

صاحبه مكرّم حيث جلس ... من فاته فقد تعمّى وانتكس

كأنما فيه من العيّ خرس ... شتّان ما بين الحمار والفرس

وقال آخر:

لولاكم كان يلقى كلّ ذي خطل ... للنحو مدعيا بين النحارير

لم لا أشدّ على من لا يقوم بها ... من وقعة السّمر والبيض المآثير

قرع رجل على الحسن البصري الباب وقال: يا أبو سعيد فلم يجبه، فقال:

أبي سعيد، فقال الحسن: قل الثالثة وادخل.

وحدث النضر بن شميل قال، أخبرنا الخليل بن أحمد قال: سمعت أيوب السختياني [٢] يحدّث بحديث فلحن فيه، فقال: استغفر الله، يعني أنه عد اللحن ذنبا.

وكان ابن سيرين يسمع الحديث ملحونا فيحدث به على لحنه، وبلغ ذلك الأعمش فقال: إن كان ابن سيرين يلحن فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يلحن فقوّمه.

قال [٣] : وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يضرب أولاده على اللحن ولا يضربهم على الخطأ، ووجد في كتاب عامل له لحنا فأحضره وضربه درة واحدة.

ودخل [٤] أعرابي السوق فسمعهم يلحنون فقال: العجب يلحنون ويربحون.

وكان معاوية بن بجير عامل البصرة لا يلحن فمات بجير بالبصرة ومعاوية بفارس خليفة أبيه، فقال الفيج [٥] الذي جاء بنعيه مات بجيرا، فقال له لحنت لا أم لك، فقال


[١] بهجة المجالس ١: ٦٥ ونسب القول لابن سلام.
[٢] م: السجستاني.
[٣] انظر بهجة المجالس ١: ٦٤ والخبر فيه عن ابن عمر.
[٤] نور القبس: ٣ وعيون الأخبار ٢: ١٥٩ وتتمته: «ونحن لا نلحن ولا نربح» .
[٥] الفيج: الرسول أو عامل البريد.

<<  <  ج: ص:  >  >>