ذكر أبو عبد الله حمزة بن الحسن الأصبهاني قال: سمعت جماعة من رواة الأشعار ببغداد يتحدثون عن عبد الله بن المعتز أنه كان لهجا بذكر أبي الحسن مقدّما له على سائر أهله ويقول: ما أشبهه في أوصافه إلا محمد بن يزيد بن مسلمة بن عبد الملك إلا أن أبا الحسن أكثر شعرا من المسلميّ، وليس في ولد الحسن من يشبهه، بل يقاربه علي بن محمد الأفوه.
قال: وحدثني أبو عبد الله ابن أبي عامر قال: كان أبو الحسن طول أيامه مشتاقا إلى عبد الله بن المعتز متمنيا أن يلقاه أو يرى شعره، فأما لقاؤه فلم يتفق له لأنه لم يفارق أصبهان قط، وأما ظفره بشعره فانه اتفق له في آخر أيامه، وله في ذلك قصة عجيبة: وذلك أنه دخل إلى دار معمر وقد حملت إليه من بغداد نسخة من [ديوان] عبد الله بن المعتز فاستعارها فسوّف بها فتمكّن عندهم من النظر فيها وخرج وعدل إليّ كالّا معييا كأنه ناهض بحمل ثقيل، فطلب محبرة وكاغدا وأخذ يكتب عن ظهر قلبه مقطّعات من الشعر، فسألته لمن هي فلم يجبني حتى فرغ من نسخها وملأ منها خمس ورقات من نصف المأموني، وأحصيت الأبيات فبلغ عددها مائة وسبعة وثمانين بيتا تحفّظها من شعر ابن المعتز في ذلك المجلس واختارها من بين سائرها.
وذكر عنه حكايات منها ما حدثني به أبو عبد الله ابن أبي عامر قال: من توسّع أبي الحسن في أتيّ القول وقهره لأبيّه أن أبا عبد الله فتى أبي الحسين محمد بن أحمد بن يحيى بن أبي البغل كانت به لكنة شديدة، حتى كان لا يجري على لسانه حرفان من حروف المعجم الراء والكاف، يكون مكان الراء غينا ومكان الكاف همزة، فكان إذا أراد أن يقول كركي يقول «أغ أي» وإذا أراد أن يقول كركرة يقول «أغ أغة» وينشد للأعشى:
قالت أغى غجلا في أفه أتف
يريد «قالت أرى رجلا في كفّه كتف» فعمل أبو الحسن قصيدة في مدح أبي الحسين حذف منها حرفي لكنة الحسين ولقّنه حتى رواها لأبيه أبي الحسين فجنّ عليها، وقال أبو الحسن والله أنا أقدر على أبيّ الكلام من واصل بن عطاء، والقصيدة: