وقال وقد صادف على باب ابن رستم عثمانيين أسودين معتمين بعمامتين حمراوين، فامتحنهما فوجدهما من الأدب خاليين، فدخل إلى مجلس أبي علي وتناول الدواة والكاغد من بين يديه وكتب بديهة:
رأيت باب الدار أسودين ... ذوي عمامتين حمراوين
كجمرتين فوق فحمتين ... قد غادرا الرفض قرير العين
جدّكما عثمان ذو النورين ... فما له أنسل ظلمتين
يا قبح شين صادر عن زين ... حدائد تطبع من لجين
ما أنتما إلا غرابا بين ... طيرا فقد وقعتما للحين
زورا ذوي السنة في المصرين ... المظهرين الحبّ للشيخين
وخليّا الشيعة للسبطيين ... الحسن المرضيّ والحسين
لا تبرما إبرام ربّ الدين ... ستعطيان في مدى عامين
قال وقال لابن أبي عمر ابن عصام وكان ينتف لحيته:
يا من يزيل خلقة ال ... رحمن عما خلقت
تب وخف الله على ... ما [ ... ] اجترحت
هل لك عذر عنده ... إذا الوحوش حشرت
في لحية إن سئلت ... بأيّ ذنب قتلت
وقال:
ما أنس لا أنس حتى الحشر مائدة ... ظلنا لديك بها في أشغل الشّغل
إذ أقبل الجدي مكشوفا ترائبه ... كأنه متمطّ دائم الكسل
قد مدّ كلتا يديه لي فذكّرني ... بيتا تمثّله من أحسن المثل
«كأنه عاشق قد مدّ بسطته ... يوم الفراق إلى توديع مرتحل»
وقد تردّى بأطمار الرقاق لنا ... مثل الفقير إذا ما راح في سمل
وله:
لنا صديق نفسنا ... في مقته منهمكه