البراني، لأن بيرون بالفارسية معناه برّا، وسألت بعض الفضلاء عن ذلك فزعم أن مقامه بخوارزم كان قليلا، وأهل خوارزم يسمون الغريب بهذا الاسم، كأنه لما طالت غربته عنهم صار غريبا، وما أظنه يراد به إلا أنه من أهل الرستاق، يعني أنه من برّا البلد. ومات السلطان محمود بن سبكتكين في سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة وأبو الريحان حيّ بغزنة، وجدت «كتاب تقاسيم الأقاليم» تصنيفه وخطّه وقد كتبه في هذا العام.
ذكره محمد بن محمود النيسابوري فقال «١» : له في الرياضيات السبق الذي لم يشقّ المحضرون غباره، ولم يلحق المضمّرون المجيدون مضماره، وقد جعل الله الأقسام الأربعة له أرضا خاشعة سخت «٢» له لواقح مزنها واهتزّت به يوانع نبتها «٣» فكم مجموع له [رفرف] على روض النجوم ظله، وترقرق «٤» على كبد السماء طله.
وبلغني أنه لما صنف «القانون المسعودي» أجازه السلطان بحمل فيل من نقده الفضي «٥»[إليه] فرده إلى الخزانة بعذر الاستغناء عنه، ورفض العادة في الاستغناء به، وكان رحمه الله مع الفسحة في التعمير، وجلالة الحال في عامة الأمور، مكبّا على تحصيل العلوم منصبّا إلى تصنيف الكتب، يفتح أبوابها، ويحيط شواكلها وأقرابها، ولا يكاد يفارق يده القلم وعينه النظر وقلبه الفكر إلا في يومي النيروز والمهرجان من السنة لإعداد ما تمسّ إليه الحاجة في المعاش، من بلغة الطعام وعلقة الرياش، ثم هجّيراه في سائر الأيام من السنة علم يسفر عن وجهه قناع الأشكال ويحسر عن ذراعيه كمام الاغلاق.
حدث القاضي كثير بن يعقوب البغدادي النحوي في الستور عن الفقيه أبي الحسن علي بن عيسى الولوالجي قال: دخلت على أبي الريحان وهو يجود بنفسه، قد حشرج نفسه وضاق به صدره، فقال لي في تلك الحال: كيف قلت لي يوما حساب