يرتأيه، ولكن عن مشاهدة يحكيه، وتلا قوله عزوجل وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً
(الكهف: ٩٠) فسأل أبا الريحان عنه فأخذ يصف له على وجه الاختصار ويقرّره على طريق الاقناع. وكان السلطان في بعض الأوقات يحسن الإصغاء ويبذل الإنصاف، فقبل ذلك، وانقطع الحديث بينه وبين السلطان وقتئذ.
وأما ابنه السلطان مسعود فقد كان فيه إقبال على علم النجوم ومحبة لحقائق العلوم، ففاوضه يوما في هذه المسألة وفي سبب اختلاف مقادير الليل والنهار في الأرض وأحبّ أن يتّضح له برهان ما لم يصحّ له من ذلك بعيان، فقال له أبو الريحان: أنت المنفرد اليوم بامتلاك الخافقين والمستحقّ بالحقيقة اسم ملك الأرض فأخلق بهذه المرتبة إيثار الاطلاع على مجاري الأمور وتصاريف أحوال الليل والنهار، ومقدارها في عامرها وغامرها، وصنّف له عند ذلك كتابا في اعتبار مقدار الليل والنهار بطريق تبعد عن مواضعات المنجمين وألقابهم، ويقرّب تصوّرهم من فهم من لم يرتض بها ولم يعتدها، وكان السلطان الشهيد قد مهر بالعربية فسهل وقوفه عليه وأجزل إحسانه إليه.
وكذلك صنّف كتابه «في لوازم الحركتين» بأمره، وهو كتاب جليل لا مزيد عليه مقتبس أكثر كلماته عن آيات من كتاب الله عزوجل. وكتابه المترجم «بالقانون المسعودي» يعفّي على أثر كلّ كتاب صنّف في تنجيم أو حساب. وكتابه الآخر المعنون بالدستور الذي صنفه باسم شهاب الدولة أبي الفتح مودود بن السلطان الشهيد مستوف أحاسن المحاسن.
قال مؤلف الكتاب: هذا ذكره محمد بن محمود، وإنما ذكرته أنا هاهنا لأن الرجل كان أديبا أريبا لغويا له تصانيف في ذلك رأيت أنا منها: كتاب شرح شعر أبي تمام رأيته بخطه لم يتمه. كتاب التعلل باجالة الوهم في معاني نظم أولي الفضل.
كتاب تاريخ أيام السلطان محمود وأخبار أبيه. كتاب المسامرة في أخبار خوارزم.
كتاب مختار الأشعار والآثار. وأما سائر كتبه في علوم النجوم والهيئة والمنطق والحكمة فانها تفوق الحصر، رأيت فهرستها في وقف الجامع بمرو في نحو الستين ورقة بخط مكتنز.
وحدثني بعض أهل الفضل أن السبب في مصيره إلى غزنة أن السلطان محمودا لما استولى على خوارزم قبض عليه وعلى أستاذه عبد الصمد أول بن عبد الصمد