فقد أسدى إليّ يدا بأني ... عرفت بها عدوّي من صديقي
قال: وهذا آخر ما قاله من الشعر.
قال الحميدي: وما أظن البيتين إلا لغيره.
قال: وأنشدنا وقد انقطع الناس عن عيادته والدخول إليه:
ما لي أرى الأبصار بي جافيه ... لم تلتفت منّي إلى ناحيه
لا ينظر الناس إلى الميت لا «١» ... وإنما الناس مع العافية
وله حظّ وافر من الشعر في قوله وعلمه، فمن شعره «٢» :
لولا تعرّض ذكر من سكن الغضا ... ما كان قلبي للضنى متعرضا
لكن جفا جفني الكرى بجفائهم ... وحشا حشاي فراقهم جمر الغضا
ولو ان ما بي بالرياح لما جرت ... والبرق لو يمنى به ما أومضا
يا راكبا يطوي الدجنّة عيسه ... فتريه رضراض الحصى مترضرضا
بلّغ رعاك الله سكان الغضا ... عنّي التحية إن عرضت معرّضا
وقل انقضى عصر الشباب وودّنا ... باق على مرّ الليالي ما انقضى
إن كان قد حكم الزمان ببعدكم ... أبدا فتسليما لما حكم القضا
ونضا الشباب قناعه لما رأى ... سيف المشيب على المفارق منتضى
قد كنت ألقى الدهر أبيض ناضرا ... فاسودّ لما صار رأسي أبيضا
لولا اعترافي بالزمان وريبه ... ما كنت ممن يرتضي غير الرضى
وله «٣» :
لا تغترر بهوى الملاح فربما ... ظهرت خلائق للملاح قباح
وكذا السيوف يروق حسن صقالها ... وبحدها تتخطّف الأرواح