قال: وكان إماما فاضلا في علوم القرآن، صاحب التصانيف الحسنة فيها مثل:
كتاب المعول. وكتاب التذكرة لأهل البصرة وغير ذلك. سافر الكثير إلى العراق والحجاز والجزيرة والشام والسواحل في طلب علم القرآن والقراءة على المشايخ إلى أن صار أوحد عصره وفريد دهره في فنه، وكان مع فضله زاهدا ورعا متدينا.
قال: حكى لي بعض المشايخ أن أبا نصر المقرىء المروزي قال: غرقت نوبة في البحر وانكسر المركب، فكنت أخوض في الماء وتلعب بي الأمواج، فنظرت إلى الشمس وقد زالت ودخل وقت الظهر، فغصت في الماء ونويت أداء فرض الظهر وأنا أنزل في الماء، وشرعت في الصلاة على حسب الوقت، فخلصني الله تعالى ببركة ذلك.
وقرأ القرآن على جماعة كثيرة: منهم بمرو على أستاذه أبي الحسين عبد الرحمن بن محمد بن أحمد الدهان المقرىء، وبنيسابور على أبي عبد الله محمد بن علي الخبازي وأبي عثمان سعيد بن محمد المعدل، وببغداد على أبي الحسن علي بن أحمد بن عمر بن حفص بن الحمامي، وذكر غير هؤلاء.
قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الرزاق المقرىء بسرخس يقول:
سمعت أستاذي أبا نصر محمد بن أحمد بن علي المقرىء الكركانجي بجيرنج يسأل ويقول: أين في القرآن كلمة متصلة عشرة أحرف؟ فأفحمنا، فقال: ليستخلفنّكم في الأرض. ثم قال: فأين جاء في القرآن بين أربع كلمات ثمان نونات فلم نحر جوابا فقال إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ
(يوسف: ٢) .
وذكر السمعاني باسناد آخر أن أبا نصر الكركانجي قال: نصف القرآن في قوله تعالى لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً
(الكهف: ٧٤) النون والكاف من النصف الأول والراء والألف من النصف الثاني.
قال: وسمعت المقرىء أبا عبد الله محمد بن عبد الرزاق الحداد بسرخس يقول: سمعت المقرىء أبا نصر محمد بن أحمد الكركانجي بجيرنج يقول: أردت أن أقرأ القرآن على بعض القراء بالشام برواية وقعت له عالية، فامتنع عليّ، ثم قال لي:
تقرأ عليّ كلّ يوم عشرا وتدفع إليّ مثقالا من الفضة، فقبلت ذلك منه شئت أو أبيت؛ قال: فلما وصلت إلى المفصّل أذن لي كلّ يوم في قراءة سورة كاملة، وكنت أرسل