قال أبو جعفر: جئت إلى أبي حاتم السجستاني، وكان عنده حديث عن الأصمعي عن أبي زائدة عن الشعبي في القياس، فسألته عنه فحدثني به، وقال لي أبو حاتم: من أيّ بلد أنت؟ فقلت: من طبرستان، فقال: ولم سميت طبرستان؟
فقلت: لا أدري، فقال: لما افتتحت وابتدئ ببنائها كانت أرضا ذات شجر، فالتمسوا ما يقطعون به الشجر، فجاءهم بهذا الطبر الذي يقطع به الشجر فسمي الموضع به.
وقال أبو بكر ابن كامل: جئت الى أبي جعفر قبل المغرب ومعي ابني أبو رفاعة وهو شديد العلة، فوجدت تحت مصلاه «كتاب فردوس الحكمة» لعلي بن ربن الطبري سماعا له، فمددت يدي لأنظره، فأخذه ودفعه إلى الجارية وقال لي: هذا [ابنك] ؟ فقال قلت: نعم، قال: ما اسمه؟ قلت: عبد الغني، قال: أغناه الله، وبأي شيء كنيته؟ قلت: بأبي رفاعة، قال: رفعه الله، أفلك غيره؟ قلت: نعم أصغر منه، قال: وما اسمه؟ قلت: عبد الوهاب أبو يعلى، قال: أعلاه الله، لقد اخترت الكنى والأسماء. ثم قال لي: كم لهذا سنة؟ قلت: تسع سنين، قال: لم لم تسمعه مني شيئا؟ قلت: كرهت صغره وقلة أدبه، فقال لي: حفظت القرآن ولي سبع سنين، وصليت بالناس وأنا ابن ثماني سنين، وكتبت الحديث وأنا ابن تسع سنين، ورأى لي أبي في النوم أنني بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان معي مخلاة مملوءة حجارة وأنا أرمي بين يديه، فقال له المعبر: إنه إن كبر نصح في دينه وذبّ عن شريعته، فحرص أبي على معونتي على طلب العلم وأنا حينئذ صبي صغير.
قال ابن كامل: فأول ما كتب الحديث ببلده، ثم بالري وما جاورها، وأكثر من الشيوخ حتى حصل كثيرا من العلم، وأكثر من محمد بن حميد الرازي ومن المثنى بن إبراهيم الأبلي وغيرهما.
قال أبو جعفر: كنا نكتب عند محمد بن حميد الرازي فيخرج الينا في الليل مرات ويسأل عما كتبناه ويقرؤه علينا، قال: وكنا نمضي إلى أحمد بن حماد الدولابي، وكان في قرية من قرى الري بينها وبين الري قطعة، ثم نعدو كالمجانين حتى نصير الى ابن حميد فنلحق مجلسه. وكتب عن أحمد بن حماد «كتاب المبتدإ والمغازي» عن سلمة بن المفضل عن محمد بن إسحاق وعليه بنى تاريخه. ويقال إنه