قال ابن رشيق: وكان مهيبا عند الملوك والعلماء وخاصة الناس محبوبا عند العامة يملك لسانه ملكا شديدا، وقد مدحه الشعراء فقال فيه يعلى بن إبراهيم الأربسي «١» :
نسجت شعاعا بيننا فكأننا ... بتنا جميعا «٢» تحت ثوب مذهب
فمزجتها من فيه ثم شربتها ... ولثمته برضاب ثغر أشنب
في ليلة للدهر كانت غرّة ... يرنو إليها الخطب كالمتعجب
فتّ الأنام بها كما فتّ الورى ... سبقا محمد بالفخار الأغلب
أبدا على طرف السؤال جوابه ... فكأنما هو دفعة من صيّب
يغدو مساجله بعزّة صافح ... ويروح معترفا بذلة مذنب
فالأبعد النائي عليه في الذي ... يفترّ كالداني إليه الأقرب
وكان القزاز معجبا بهذه الكلمة ويقول: ما مدحت بأحبّ إليّ منها. وقال الحسن بن رشيق في «العمدة» «٣» : وحاجى شيخنا أبو عبد الله بعض تلاميذه فقال:
أحاجيك عباد كزينب في الورى ... ولم تؤت إلّا من صديق وصاحب
فأجابه التلميذ في الحال:
سأكتم حتى ما تحسّ جوارحي ... بما انهلّ منها في دموعي السواكب
فمعكوس عباد كزينب، سرّك ذائع. وسأكتم جواب على الظاهر حسن.
ومعكوسه: منك أتيت، وهو جواب لما حوجي به بديع مقابل ولم تؤت إلا من صديق وحبيب تفسير حسن بديع جدا.
وشعر أبي عبد الله جيد مطبوع مصنوع ومن شعره يتغزل «٤» :
أما ومحلّ حبّك من فؤادي ... وقدر مكانه فيه المكين