أخذ عن المبرد وعن أبي إسحاق إبراهيم الزجاج وأكثر عنه، وأخذ عنه أبو سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي وأبو علي الفارسي، وكان إماما في النحو قيما به، وكان مع علمه وفضله سخيفا إذا أراد أن يمضي لمصلحة طرح نفسه في طبق حمّال وشدّه بحبل، وربما كان معه ما يتنقّل به نحو نبق وغيره، فيأكل ويرمي الناس بالنوى يتعمد رؤوسهم، وربما بال على رأس الحمال، فإذا قيل له في ذلك اعتذر. وقال بعض معاصريه يهجوه «١» :
صداع من كلامك يعترينا ... وما فيه لمستمع بيان
مكابرة ومخرقة وبهت ... لقد أبرمتنا يا مبرمان
وكان [ابن] المبرد يقول: تلاميذ أبي رجلان أحدهما الكلاباذي يقرأ على أبي ثم يقول قال المازني فيعلو، والآخر مبرمان يقرأ عليه ثم يقول قال الزجاج فيسفل.
وكان أبو بكر مبرمان ضنينا بالقراءة عليه لا يقرىء كتاب سيبويه إلا بمائة دينار، فقصده أبو هاشم الجبائي لقراءة الكتاب عليه، فقال له مبرمان: قد عرفت الرسم، فقال أبو هاشم: نعم ولكن أسألك النظرة وأحمل إليك شيئا يساوي أضعاف الرسم فأودعه عندك إلى أن يصل إليّ مال لي في بغداد فأحمله إليك واستردّ الوديعة، فتمنع قليلا ثم أجابه، فعمد أبو هاشم إلى زنفيلجة حسنة مغشّاة بالأدم محلاة فملأها حجارة وقفلها وختمها وحملها إلى مبرمان فوضعها بين يديه، فلما رأى منظرها وثقلها لم يشكّ في حقيقة ما ذكره، فوضعها عنده وأخذ عنه، فلما ختم الكتاب قال له المبرمان:
احمل إليّ ما لي قبلك، فقال: أنفذ معي غلامك حتى أدفع إليه الرسم، فأنفذ معه إلى منزله، فلما جاء أبو هاشم إلى بيته كتب إلى مبرمان رقعة يقول فيها: قد تأخر حضور المال وأرهقني السفر وقد أبحت لك التصرف في الزنفيلجة، وهذا خطي لك
وإشارة التعيين: ٣٣٠ ومرآة الجنان ٢: ٢٨٩ وتاريخ أبي المحاسن: ٤٩ (ووفاته عند القفطي سنة ٣٢٦ أو قريب منها) .