ثقة خيرا من أهل السنة حسن الطريقة، أخذ عن أبي العباس ثعلب وخلق، وروى عنه الدارقطني وجماعة، وكتب عنه وأبوه حي. وكان يملي في ناحية من المسجد وأبوه في ناحية أخرى. ومرض يوما «١» فعاده أصحابه فرأوا من انزعاج والده أمرا عظيما، فطيبوا نفسه فقال: كيف لا أنزعج وهو يحفظ جميع ما ترون، وأشار إلى خزانة مملوءة كتبا.
وقال أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي «٢» : كان أبو بكر ابن الانباري يحفظ ثلاثمائة ألف بيت شاهدا في القرآن، وكان يحفظ مائة وعشرين تفسيرا بأسانيدها.
وقال له أبو الحسن العروضي: قد أكثر الناس في حفظك فكم تحفظ؟ فقال:
ثلاثة عشر صندوقا.
قال وسألته جارية الراضي «٣» يوما عن تعبير رؤيا فقال: أنا حاقن، ثم مضى من يومه فحفظ كتاب الكرماني في التعبير، وجاء من الغد وقد صار معبرا للرؤيا.
وقال حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق «٤» : كان أبو بكر ابن الانباري يملي كتبه المصنفة ومجالسه المشتملة على الحديث والتفسير والأخبار والأشعار، كل ذلك من حفظه.
وقال محمد بن جعفر التميمي: أما أبو بكر ابن الانباري فما رأينا أحفظ منه ولا أغزر منه علما، وكان يحفظ ثلاثة عشر صندوقا، وهذا مما لم يحفظه أحد قبله ولا بعده.
وقال أبو العباس يونس النحوي: كان أبو بكر آية من آيات الله تعالى في الحفظ، وكان أحفظ الناس للغة والشعر.
وحكى أبو الحسن الدارقطني «٥» أنه حضر مجلس إملائه في يوم جمعة، فصحّف اسما أورده في إسناد حديث، إما كان حبان فقال حيان، قال الدارقطني:
فأعظمت أن يحمل عن مثله في فضله وجلالته وهم، وهبت أن أوقفه على ذلك، فلما