استنهضه ابن شرف على دخول الأندلس فتردّد ابن رشيق وأنشد:
مما يزهّدني في أرض أندلس ... أسماء مقتدر فيها ومعتضد
ألقاب مملكة في غير موضعها ... كالهرّ يحكي انتفاخا صولة الأسد
فأجابه ابن شرف على الفور «١» :
إن ترمك الغربة في معشر ... قد جبل الطبع على بغضهم
فدارهم ما دمت في دارهم ... وأرضهم ما دمت في أرضهم
ثم شخص ابن شرف منفردا إلى الأندلس وتنقل في بلادها وسكن المرية بعد مقارعة أهوال ومقاومة خطوب، وتردد على ملوك الطوائف كآل عباد وغيرهم، وتوفي باشبيلية سنة ستين وأربعمائة.
ومن شعره «٢» :
لك مجلس كملت دواعي لهونا ... فيه ولكن تحت ذاك حديث
غنّى الذباب فظلّ يزمر حوله ... فيه البعوض ويرقص البرغوث
وقال في وصف وادي عذراء بمدينة برجة من أعمال المرية «٣» :
رياض غلائلها سندس ... توشّت معاطفها بالزّهر
مدامعها فوق خطّ الربى ... لها نظرة فتنت من نظر
وكلّ مكان بها جنّة ... وكل طريق إليها سقر
وقال في ليلة أنس باردة ممطرة «٤» :
ولقد نعمت بليلة جمد الحيا ... في الأرض فيها والسماء تذوب