كأني بهذا العزم لا فلّ حده ... وأقصاه بالأقصى وقد قضي الأمر
وقد أصبح البيت المقدّس طاهرا ... وليس سوى جاري الدماء له طهر
وقد أدّت البيض الحداد فروضها ... فلا عهدة في عنق سيف ولا نذر
وصلّت بمعراج النبيّ صوارم ... مساجدها شفع وساجدها وتر
وان تتيمم ساحل البحر مالكا ... فلا عجب ان يملك الساحل البحر
سللت سيوفا أثكلت كلّ بلدة ... بصاحبها حتى تخوّفك البدر
إذا سار نور الدين في عزماته ... فقولا لليل الفجر قد طلع الفجر
ولو لم يسر في عسكر من جنوده ... لكان له من نفسه عسكر مجر
مليك سمت شمّ المنابر باسمه ... كما قد زهت تيها به الأنجم الزهر
فيا كعبة ما زال في عرصاتها ... مواسم حجّ لا يروّعها النفر
خلعت على الأيام من حلل العلا ... ملابس من أعلامها الحمد والشكر
وتوّجت ثغر الشام منك جلالة ... تمنّت لها بغداد لو أنها ثغر
فلا تفتخر مصر علينا بنيلها ... فيمناك نيل كلّ مصر بها مصر
رددت الجهاد الصعب سهلا سبيله ... ويا طالما أمسى ومسلكه وعر
وقال يمدح أبا غانم سعد بن طارق:
خاطر بقلبك إما صبوة الغالي ... فيما أحبّ وإما سلوة السالي
من كلّ ذي هيف ترنو لواحظه ... إليك من لهذم في صدر عسال
كم ليلة بتّ من كأسي وريقته ... نشوان أمزج سلسالا بسلسال
وبات لا يحتمي عنّي مراشفه ... كأنما ثغره ثغر بلا والي
يا مطلقي ما بقي للسّقم من جسدي ... وفي يديهم فؤادي رهن اغلال
إن شئتم علم حالي بعد فرقتكم ... فأنصتوا للحمام العاطل الحالي
خذوا حديث غرامي عن مطوّقة ... تتلو ضلالي في فرع من الضال
لم تتركوا لي سوى نفس أجود بها ... والجود بالنفس غير الجود بالمال
إذا غضبتم وبات الوجد يشفع لي ... إلى رضاكم رأيت السقم أشفى لي