اللغوي الأديب: كان عالما فاضلا متفننا، والغالب عليه النحو والقراءات، قدم بغداد وقرأ على أبي محمد ابن الخشاب النحوي وعلى أبي الحسن ابن العطار وأبي البركات عبد الرحمن بن الأنباري، وقرأ بالموصل على أبي بكر يحيى بن سعدون القرطبي وغيره، وقرأ عليه أهل الموصل وتخرج به أعيان أهلها، ورحل إلى الشام «١» ثم عاد إلى الموصل. رأيته وكان شيخا طوالا على وجهه أثر الجدري، إلا أنني ما قرأت عليه شيئا. وكان حرا كريما صالحا صبورا على المشتغلين يجلس لهم من السحر إلى أن يصلي العشاء الآخرة. وكان من أحفظ الناس للقرآن ناقلا للسبع، نصب نفسه للاقراء فلم يتفرغ للتأليف، وكان يقرأ عليه الجماعة القرآن معا كلّ واحد منهم بحرف، وهو يسمع عليهم كلهم ويردّ على كلّ واحد منهم، وكان قد أخذ من كل علم طرفا، وسمع الحديث فأكثر. ومن شعره «٢» :
إذا احتاج النوال الى شفيع ... فلا تقبله تضح قرير عين
إذا عيف النوال لفرد منّ ... فأولى أن يعاف لمنتين
وقال أيضا:
على الباب عبد يطلب الإذن قاصدا ... به أدبا لا أن نعماك تحجب
فإن كان إذن فهو كالخير داخل ... عليك وإلا فهو كالشرّ يذهب
وقال أيضا:
حيائي حافظ لي ماء وجهي ... ورفقي في مطالبتي رفيقي
ولو أني سمحت ببذل وجهي ... لكان إلى الغنى سهلا طريقي
٥: ٨ وسير الذهبي ٢١: ٤٢٥ ونكت الهميان: ٢٩٦ والوافي (خ) وطبقات ابن الجزري ٢: ٣٠٩ وبغية الوعاة ٢: ٢٩٩ والشذرات ٥: ١١؛ وقال ابن القفطي ان أباه كان يعاني عمل الأديم الذي تصنع منه الانطاع الماكسينية؛ وماكسين بلدة على نهر الخابور بالجزيرة.