للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن منثوره: كتب إلى ابن أبي الاصبع: لو أطعت الشوق إليك والنزاع نحوك لكثر قصدي لك وغشياني إياك، مع العلّة القاطعة عن الحركة، الحائلة بيني وبين الركوب، فالعلة إن تخلّفت مخلّفتي، وإيثار التخفيف يؤخّر مكاتبتي، فأما مودة القلب وخلوص النية ونقاء الضمير والاعتداد بما يجدده الله لك من نعمة ويرفعك إليه من درجة ويبلغك إياه من رتبة، فعلى ما يكون عليه الأخ الشقيق وذو المودة الشقيق.

وأرجو أن يكون شاهدي على ذلك من قلبك أعدل الشهود، ووافدي باعلامك إياه أصدق الوفود، وبحسب ذلك انبساطي إليك في الحاجة تعرض قبلك، ويعنى بالنجاح فيها عندك، وعرضت حاجة ليس تمنعني قلتها من كثير الشكر عليها، والاعتداد بما يكون من قضائك اياها، وقد حمّلتها يحيى [١] لتسمعها منه وتتقدم بما أحبّ فيها، جاريا على كرم سجيتك وعادة تفضلك [٢] ، إن شاء الله.

وكتب الى أخيه الوزير عبيد الله وقد سافر ولم يودّعه: أطال الله بقاء الوزير مصحبا له السلامة الشاملة، والغبطة المتكاملة، والنعم المتظاهرة، والمواهب المتواترة، في ظعنه ومقامه، وحلّه وترحاله، وحركته وسكونه، وليله ونهاره، وعجّل إلينا أوبته، وأقرّ عيوننا برجعته، ومتّعها بالنظر إليه. كان شخوص الوزير- أعزه الله- في هذه المدة بغتة أعجل عن توديعه فزاد ذلك في ولهي وأضرم لوعتي، واشتدت له وحشتي، وذكرت قول كثير [٣] :

وكنتم تزينون البلاد ففارقت ... عشية بنتم زينها وجمالها

فقد جعل الراضون إذ أنتم بها ... بخصب البلاد يشتكون وبالها

والوزير- أعزه الله- يعلم ما قيل في يحيى بن خالد:

ينسى صنائعه ويذكر وعده ... ويبيت في أمثاله يتفكّر [٤]


[١] ر: فلان.
[٢] ر: فضلك.
[٣] ديوان كثير: ٧٥.
[٤] حاشية ر بخط مغاير: أكرم بذلك من ذكور ناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>