أرسطوطاليس في هذا المعنى فقال: إن الرذائل لا تكون حلوة الورود عند ذي فطرة سليمة، بل يؤذيه تصوّر قبحها إذ يفسد عليه ما يستلذّ من غيرها بها، وكذلك يكون صاحب الطبع السليم قادرا على معرفة ما يتوخّى وما يجتنب كالتامّ الصحة يكفي حسه تعريفه النافع والضارّ. فلا ترض لنفسك- حفظك الله- إلا بما تعلم أنه يناسب طبقة أمثالك، واغلب خطرات الهوى بعزائم الرجال الراشدين، واطمح بنفسك إلى المعالي بإطاعة عقلك فإنك تسرّ بنفسك وتراها في كل يوم مع الاعتماد على ذلك في رتبة علية ومرقاة من سموّ في السعادة، إن شاء الله تعالى.
ومن شعر أمين الدولة قوله «١» :
لو دان يحسن غصن البان مشيتها ... تأوّدا لحكاها غير محتشم
في صدرها كوكبا نور أقلّهما ... ركنان ما لمسا من كفّ مستلم
صانتهما في حرير من غلائلها ... فتلك في الحلّ والركنان في الحرم
وقال «٢» :
أبصره عاذلي عليه ... ولم يكن قبل ذا رآه
فقال لي لو عشقت هذا ... ما لامك الناس في هواه
قل لي إلى من عدلت عنه ... وليس أهل الهوى سواه
فظلّ من حيث ليس يدري ... يأمر بالعشق من نهاه
وقال «٣» :
لا تعجبوا من حنين قلبي ... اليهم واعذروا غرامي
فالقوس مع كونها جمادا ... تئنّ من فرقة السهام
وقال «٤» :
لولا حجاب أمام النفس يمنعها ... عن الحقيقة فيما كان في الأزل