إلى أبي زيد كتبا لم يجبه أبو زيد عنها، فكتب إليه شهيد بهذين البيتين يعيّره بحديث الجراب:
أمنّي النفس منك جواب كتبي ... وأقطعها لتسكن وهي تابى
إذا ما قلت سوف يجيب قالت ... إذا ردّ المنيريّ الجرابا
قال: وقرأت بخط أبي الحسن الحديثي على ظهر كتاب «كمال الدين» لأبي زيد: قال أبو بكر الفقيه: ما صنّف في الإسلام كتاب أنفع للمسلمين من كتاب «البحث عن التأويلات» صنّفه أبو زيد البلخي، وهذا الكتاب- يعني كتاب «كمال الدين» .
وكان لأبي زيد حافد يقال له علي بن محمد بن أبي زيد.
قال: ولأبي زيد نحو من ستين تأليفا.
قال: ولقي أحمد بن سهل الأمير أبا زيد في طريق وقد أجهده السير فقال له:
عييت أيها الشيخ، فقال له أبو زيد: نعم أعييت أيها الأمير، فنبهه أنه لحن في قوله «عييت» إذ العيّ في الكلام والإعياء في المشي.
وأنشد أبو زيد:
لكلّ امرىء ضيف يسرّ بقربه ... وما لي سوى الأحزان والهمّ من ضيف
تناءت بنا دار الحبيب اقترابها ... فلم يبق إلا رؤية الطيف للطيف
وقال أبو زيد: كان ببلخ مجنون من عقلاء المجانين، وكان يعرف بأبي إبراهيم إسحاق بن اسحاق البغداذي دخل اليّ وكنت ألاعب الأهوازيّ بالشطرنج، فقال: أبو زيد والأهوازي لك، فتحيرت في هذا الكلام، فقال لي: احسب فحسبت بحروف الجمل فكان ستون، قال فصل بين كنيتك والأهوازي، قال: فوصلت فإذا أبو زيد ثلاثون والأهوازي ثلاثون، فقضيت عجبا من اختراعه في تلك الوهلة هذا الحساب.
وأما خبر وفاته، قال صاحب الكتاب المذكور، ذكر أبو بكر الدمشقي قال: دخلت على أبي زيد رحمه الله يوم الجمعة ضحوة لعشر بقين من ذي القعدة سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة فوجدته ثقيلا من علته، فسلّمت عليه سلاما ضعيفا، ثم قال: يا أبا بكر قد انقطع السبب، وما هو إلا فراق الاخوان، ودمعت عينه وبكيت أنا، وقلت:
أرجو أن يشفّع الله الشيخ فينا وفي غربتنا بعافيته، فقال: أيهات، وقرأ هذه الآية