والمفضل القصباني وعبد القاهر الجرجاني وغيرهم من الأئمة. وسمع الحديث وكتبه على خلق، منهم: القاضي أبو الطيب الطبري وأبو القاسم التنوخي والخطيب البغدادي، وسمع بمدينة صور من الفقيه أبي الفتح سليم بن أيوب الرازي ومن أبي القاسم عبد الكريم بن محمد بن عبد الله بن يوسف الدلال الساوي البغدادي وأبي القاسم عبد الله بن علي. وأخذ عنه أبو منصور موهوب بن أحمد الجواليقي وأبو الحسن سعد الخير بن محمد بن سهل الأنصاري وأبو الفضل ابن ناصر وغيرهم، ودخل مصر في عنفوان شبابه فقرأ عليه بها أبو الحسن طاهر بن بابشاذ النحوي وغيره اللغة، ثم رجع إلى بغداد فأقام بها إلى أن مات.
ويحكى أن سبب رحلته الى أبي العلاء المعري أنه حصلت له نسخة من «كتاب التهذيب في اللغة» تأليف أبي منصور الأزهري [وأراد تحقيق ما فيها وأخذها عن عالم باللغة، فدل على أبي العلاء]«١» فجعل الكتاب في مخلاة، وحملها على كتفه من تبريز الى المعرة، ولم يكن له ما يستأجر به مركوبا، فنفذ العرق من ظهره إليها فأثر فيها البلل، وهذه النسخة في بعض المكاتب الموقوفة ببغداد إذا رآها من لا يعرف خبرها ظنّ أنها غريقة وليس بها سوى عرق [ابن] الخطيب.
وذكر السمعاني في «الذيل» : سمعت أبا منصور محمد بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون المقرىء يقول أبو زكريا يحيى بن علي التبريزي ما كان بمرضيّ الطريقة، كان يدمن شرب الخمر، ويلبس الحرير والعمامة المذهبة، وكان الناس يقرأون عليه تصانيفه وهو سكران، فذاكرت أبا الفضل محمد بن ناصر الحافظ بما ذكره ابن خيرون فسكت وكأنّه لم ينكر ذلك، ثم قال: ولكن كان ثقة في اللغة وما كان يرويه وينقله.
وولي ابن الخطيب تدريس الأدب بالنظامية وخزانة الكتب بها، وانتهت إليه الرياسة في اللغة والأدب، وسار ذكره في الأقطار ورحل الناس اليه.
توفي فجأة يوم الثلاثاء لليلتين بقيتا من جمادى الأولى سنة اثنتين وخمسمائة،