فقالوا: ارتفع مال بانما إذ كانت ما بمعنى الذي، ثم سكتوا، فقال لهم أحمد بن عبيد من آخر الناس: هذا الإعراب فما المعنى؟ فأحجم الناس عن القول، فقيل له: فما المعنى عندك؟ قال: أراد ما لومك إياي وإنما أنفقت مالا ولم أنفق عرضا، فالمال لا ألام على إنفاقه؛ فجاءه خادم من صدر المجلس فأخذ بيده حتى تخطّى به إلى أعلاه وقال له: ليس هذا موضعك، فقال: لأن أكون في مجلس أرتفع منه إلى أعلاه أحبّ إليّ من أن أكون في مجلس أحطّ عنه. فاختير هو وابن قادم.
قرأت بخطّ أبي منصور الأزهري في «كتاب التهذيب في اللغة»[١] له، أخبرني المنذري عن القاسم بن محمد الأنباري عن أحمد بن عبيد بن ناصح قال: كنا نألف مجلس أبي أيوب ابن أخت الوزير، فقال لنا يوما- وكان ابن السكيت حاضرا- ما تقول في الأدم من الظباء؟ فقال: هي البيض البطون السّمر الظهور، يفصل بين لون ظهورها وبطونها جدّتان مسكيّتان، قال: فالتفت إليّ وقال: ما تقول يا أبا جعفر؟
فقلت: الأدم على ضربين، أما التي مساكنها الجبال في بلاد قيس فهي على ما وصف، وأما التي مساكنها الرمل في بلاد تميم فهي البيض الخوالص البياض [فأنكر يعقوب] . واستأذن ابن الأعرابي على أثر ذلك، فقال أبو أيوب: قد جاءكم من يفصل بينكم، فدخل فقال له أبو أيوب: يا أبا عبد الله، ما تقول في الأدم من الظباء، فتكلم كأنما ينطق عن لسان ابن السكّيت، فقلت: يا أبا عبد الله، ما تقول في ذي الرمة؟ قال: شاعر، قلت: ما يقول في قصيدته صيدح؟ قال: هو بها أعرف منّا بها. قال: فأنشدته قوله:
من المؤلفات الرمل أدماء حرّة ... شعاع الضّحى في متنها يتوضّح
فسكت ابن الأعرابي وقال: هي العرب تقول ما شاءت.
وبخط عبد السلام البصري، حدثنا أبو الحسن محمد بن يوسف بن موسى سبط [ ... ] قال حدثنا أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن جعفر الأزدي قال: سمعت أحمد بن