للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالت لي الزوجة: هب أني وإياك نصبر فكيف نصنع بهاتين الصبيتين؟ فهات شيئا من كتبك حتى نبيعه أو نرهنه، فضننت بذلك وقلت: اقترضي لهما شيئا وأنظريني بقية اليوم والليلة، وكان لي بيت في دهليز داري فيه كتبي، فكنت أجلس فيه للنسخ والنظر، فلما كان في تلك الليلة إذا داقّ يدقّ الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: رجل من الجيران، فقلت: ادخل، فقال أطف السراج حتى أدخل، فكببت على السراج شيئا وقلت: ادخل، فدخل وترك إلى جانبي شيئا وانصرف، فكشفت عن السراج ونظرت فإذا منديل له قيمة وفيه أنواع من الطعام وكاغد فيه خمسمائة درهم، فدعوت الزوجة وقلت: أنبهي الصبيان حتى يأكلوا. ولما كان من الغد قضينا دينا كان علينا من تلك الدراهم. وكان [وقت] [١] مجيء الحاجّ من خراسان، فجلست على بابي من غد تلك الليلة، وإذا جمّال يقود جملين عليهما حملان ورقا وهو يسأل عن منزل إبراهيم الحربي، فانتهى إليّ فقلت: أنا إبراهيم الحربي، فحطّ الحملين وقال: هذان الحملان أنفذهما لك رجل من أهل خراسان، فقلت: من هو؟ فقال: قد استحلفني ألا أقول لك من هو.

وحدث [٢] أبو عثمان الرازي قال: جاء رجل من أصحاب المعتضد إلى إبراهيم الحربي بعشرة آلاف درهم من عند المعتضد يسأله عن [أمر] أمير المؤمنين تفرقة ذلك، فردّه وانصرف الرسول ثم عاد فقال له: إن أمير المؤمنين يسألك أن تفرّقة في جيرانك، فقال له: عافاك الله، هذا مال لم نشغل أنفسنا بجمعه فلا نشغلها بتفرقته، قل لأمير المؤمنين إن تركتنا وإلّا تحوّلنا من جوارك.

وحدث أبو القاسم الجبّلي [٣] قال: اعتلّ إبراهيم بن إسحاق الحربيّ علة حتى أشرف على الموت، فدخلت عليه يوما فقال: يا أبا القاسم أنا في أمر عظيم مع


[١] زيادة من تاريخ بغداد سقطت من ر.
[٢] تاريخ بغداد: ٣٢ وقارن بإنباه الرواة ١: ١٥٧.
[٣] هو الحافظ أبو القاسم إسحاق بن إبراهيم الجبلي (وجبل بليدة من سواد العراق) عاش ببغداد وكان يفتي بالحديث ويذاكر ولا يحدث، توفي سنة ٢٨١ (تاريخ بغداد ٦: ٣٧٨ وطبقات أبي يعلى ١: ١١٠ والوافي ٨: ٣٩٥ وسير أعلام النبلاء ١٣: ٣٤٣) والخبر عن تاريخ بغداد: ٣٣ وقارن بسير الذهبي:
٣٦٩ وإنباه الرواة ١: ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>