للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن شعره السائر [١] :

الجسم في بلد والروح في بلد ... يا وحشة الروح بل يا غربة الجسد

إن تبك عيناك لي يا من كلفت به ... من رحمة فهما سهماك في كبدي

قال: ووقف ابن عبد ربه تحت روشن لبعض الرؤساء فرشّ بماء وكان فيه غناء حسن ولم يعرف فقال [٢] :

[يا من يضنّ بصوت الطائر الغرد ... ما كنت أحسب هذا البخل في أحد]

لو أن أسماع أهل الأرض قاطبة ... أصغت إلى الصوت لم ينقص ولم يزد

فلا تضنّ على سمعي تقلده ... صوتا يجول مجال الروح في الجسد

لو كان زرياب حيا ثم أسمعه ... لذاب من حسد أو مات من كمد

أما النبيذ فإني لست أشربه ... ولست آتيك إلا كسرتي بيدي

وزرياب عندهم يجري مجرى إسحاق بن إبراهيم الموصلي في صنعة الغناء ومعرفته، وله أصوات مدونة ألفت الكتب فيها وضربت به الأمثال.

قال: ولأبي عمر أيضا أشعار كثيرة سماها «الممحصات» وذلك أنه نقض كلّ قطعة قالها في الصبا والغزل بقطعة في المواعظ والزهد، وأرى أن من ذلك قوله [٣] :

إلا إنما الدنيا غضارة أيكة ... إذا اخضرّ منها جانب جفّ جانب

هي الدار ما الآمال إلا فجائع ... عليها ولا اللذات الا مصائب

وكم سخنت بالأمس عين قريرة ... وقرّت عيون دمعها الآن ساكب

فلا تكتحل عيناك منها بعبرة ... على ذاهب منها فإنك ذاهب

ومن شعره وهو آخر شعر قاله فيما قيل:

بليت وأبلتني الليالي بكرّها ... وصرفان للأيام معتوران

وما بي لا أبكي لسبعين حجة ... وعشر أتت من بعدها سنتان

وقد أجاز لي رواية كتابه الموسوم ب «العقد» الحافظ ذو النسبين، بني دحية


[١] المطمح: ٥٩ والمطرب: ١٥٣ والنفح ٧: ٥١.
[٢] المطرب: ١٥٢- ١٥٣ والمطمح: ٥٨.
[٣] العقد ٣: ١٧٥ والمطرب: ١٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>