للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبدت لي فأشرق الصبح منها ... بين تلك الجيوب والأطواق

يا سقيم الجفون من غير سقم ... بين عينيك مصرع العشاق

إن يوم الفراق أفظع يوم ... ليتني متّ قبل يوم الفراق

ومن شعره أيضا [١] :

يا ذا الذي خطّ الجمال بخدّه ... خطين هاجا لوعة وبلا بلا

ما صحّ عندي أن لحظك صارم ... حتى لبست بعارضيك حمائلا

قال [٢] : أخبرني بعض العلية أن الخطيب أبا الوليد ابن عسال [٣] حجّ فلما انصرف، تطلّع إلى لقاء المتنبي واستشرف، ورأى أن لقيته فائدة يكتسبها، وجملة فخر لا يحتسبها، فصار إليه فوجده في مسجد عمرو بن العاص ففاوضه قليلا ثم قال:

ألا انشدني لمليح الاندلس- يعني ابن عبد ربه- فأنشده [٤] :

يا لؤلؤا يسبي العقول أنيقا ... ورشا بتقطيع القلوب رفيقا

ما إن رأيت ولا سمعت بمثله ... درّا يعود من الحياء عقيقا

وإذا نظرت إلى محاسن وجهه ... أبصرت وجهك في سناه غريقا

يا من تقطّع خصره من رقة ... ما بال قلبك لا يكون رقيقا

فلما أكمل إنشاده استعادها منه، ثم صفق بيديه وقال: يا ابن عبد ربه لقد يأتيك العراق حبوا.

ثم ان ابن عبد ربه أقلع في آخر عمره عن صبوته وأخلص لله في توبته، فاعتبر أشعاره التي قالها في الغزل واللهو، وعمل على أعاريضها وقوافيها في الزهد، وسماها «الممحصات» فمنها القطعة التي أولها:

هلا ابتكرت لبين انت مبتكر


[١] المطمح: ٥٢ وابن خلكان ١: ٩٢ والنفح ٣: ٥٦٥.
[٢] المطمح: ٥٢ وفيه الأبيات.
[٣] ر: عباد.
[٤] العقد ٥: ٣٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>