طولون: بارك الله عليكم فقد كافأتم إحسانه وجازيتم إنعامه، ثم قال: أحضروا يوسف بن إبراهيم فأحضر، فقال: خذوا بيد صاحبكم وانصرفوا، فخرجوا معه وانصرف إلى منزله.
قال أبو جعفر أحمد بن يوسف بن إبراهيم: وبعث أحمد بن طولون في الساعة التي توفي فيها والدي يوسف بن إبراهيم بخدم فهجموا الدار وطالبوا بكتبه مقدرين أن يجدوا فيها كتابا من أحد ممن ببغداد، فحملوا صندوقين، وقبضوا عليّ وعلى أخي وصاروا بنا إلى داره، وأدخلنا إليه وهو جالس وبين يديه رجل من أشراف الطالبيين، فأمر بفتح أحد الصندوقين، وأدخل خادم يده فوقع في يده دفتر جراياته على الاشراف وغيرهم، فأخذ الدفتر بيده وتصفحه، وكان جيد الاستخراج، فوجد اسم الطالبيّ في الجراية فقال له وأنا أسمع: كانت عليك جراية ليوسف بن إبراهيم؟ فقال له: نعم يا أيها الأمير دخلت هذه المدينة وأنا مملق فأجرى عليّ في كلّ سنة مائتي دينار ومائة اردب قمحا «١» أسوة ابن الأرقط والعقيقي وغيرهما، ثم امتلأت يداي بطول الامير فاستعفيته منها فقال لي: ناشدتك «٢» الله أن قطعت سببا لي برسول الله صلى الله عليه وسلّم، وتدمّع الطالبي، فقال أحمد بن طولون: رحم الله يوسف بن إبراهيم، ثم قال: انصرفوا إلى منازلكم «٣» فلا بأس عليكم، فانصرفنا فلحقنا جنازة والدنا، وحضر ذلك العلويّ دفننا «٤» وقضى حقنا، وقد أحسن مكافأة والدنا في مخلّفيه.
وقال «٥» : أبو جعفر أحمد بن أبي يعقوب يوسف بن إبراهيم، يعرف بابن الداية، من فضلاء أهل مصر ومعروفيهم، وممن له علوم كثيرة في الأدب والطب والنجامة والحساب وغير ذلك، وكان أبوه أبو يعقوب كاتب إبراهيم بن المهدي ورضيعه. ألّف كتابا في أخبار الطب. مات أحمد بن يوسف في سنة نيف وثلاثين وثلاثمائة وأظنها سنة أربعين وثلاثمائة وله من التصانيف: سيرة أحمد بن طولون «٦» .