قال وأنشدني لنفسه:
أأحبابنا هلّا سبقتم بوصلنا ... صروف الليالي قبل أن نتفرقا
تشاغلتم بالهجر والوصل ممكن ... وليس إلينا للحوادث مرتقى
كأنّا أخذنا من صروف زماننا ... أمانا ومن جور الحوادث موثقا
وقال أيضا:
قمر إذا عاينته «١» شغفا به ... غرس الحياء بوجنتيه شقيقا
وتلهّبت خجلا فلولا ماؤها ... مترقرقا فيه لصار حريقا
وازورّ عني مطرقا فأضلّني ... أنى «٢» اهتدى نحو السلوّ طريقا
فليلحني من شاء فيه فصبوتى ... بهواه سكر لست منه مفيقا
وكتب إليه ابنه أبو الفوارس مرهف إلى حصن كيفا كتابا على يد مستمنح فلم يمكّن الوقت من بلوغ الغرض من البر، فكتب أسامة جوابه:
أبا الفوارس ما لاقيت من زمني ... أشدّ من قبضه كفّي عن الجود
رأى سماحي بمنزور تجانف لي ... عنه وجودي به فاجتاح موجودي
فصرت إن هزّني جان تعوّد أن ... يجني نداي رآني يابس العود
وقال أيضا «٣» :
سقوف الدور في خربرت «٤» سود ... كستها النار أثواب الحداد
فلا تعجب إذا ارتفعت علينا ... فللحظ اعتناء بالسواد
بياض العين يكسوها جمالا ... وليس النور إلا في السواد
ونور الشيب مكروه وتهوى ... سواد الشعر أصناف العباد
وطرس الخطّ ليس يفيد علما ... وكلّ العلم في وشي المداد