وألقاك يوم الحشر أبيض ناصعا ... وأشكر عند الله ما كنت تفعل
وتوفي نصر بن علي في جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين وأربعمائة بشيزر.
ومنهم الأمير عضد الدين أبو الفوارس مرهف بن أسامة بن مرشد بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ «١» : قال مؤلف الكتاب: فارقته في جمادى الأولى سنة اثنتي عشرة وستمائة بالقاهرة يحيا، ولقيته بها وهو شيخ ظريف واسع الخلق شائع الكرم جمّاعة للكتب، وحضرت داره واشترى مني كتبا، وحدثني أنّ عنده من الكتب ما لا يعلم مقداره، إلا أنه ذكر لي أنه باع منها أربعة آلاف مجلد في نكبة لحقته فلم يؤثر فيها. وسألته عن مولده فقال: ولدت سنة عشرين وخمسمائة، فيكون عمره إلى وقتنا هذا اثنتين وتسعين سنة. وكان قد أقعد لا يقدر على الحركة، إلا أنه صحيح العقل والذهن والفطنة والبصر يقرأ الخطّ الدقيق كقراءة الشبان، إلا أن سمعه فيه ثقل، وكان ذلك يمنعني من مكاثرته ومذاكرته. وكان السلطان صلاح الدين، رحمه الله، قد أقطعه ضياعا بمصر فهو يصرّفها في مصالحه، وأجراه الملك العادل أخو صلاح الدين على ذلك، وكان الملك الكامل بن العادل يحترمه ويعرف له حقه. وأنشدني شيئا من شعره وشعر أهله لم يحضرني منه في هذا الوقت ما أورده.
وذكر له العماد في «كتاب الخريدة» ما ذكر أنه سمعه منه وهو:
سمحت بروحي في رضاك ولم يكن ... ليعجزني لولا رضاك المذاهب
وهانت لجرّاك العظائم كلها ... عليّ وقد جلّت لديّ النوائب
فكان ثوابي عن ولائي تجهّم «٢» ... رمتني به منك الظنون الكواذب
فمهلا فلي في الأرض عن منزل القلى «٣» ... مسار إذا أخرجتني ومسارب
وإن كنت ترجو طاعتي بإهانتي ... وقسري فإن الرأي عنك لعازب