للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وولد بكورة فارس في ذي القعدة سنة ست وعشرين وثلاثمائة، ومدحه خمسمائة شاعر من أرباب الدواوين. وممن كان ببابه قاضي القضاة عبد الجبار بن أحمد الأسداباذي، وكان قد فوّض إليه قضاء همذان والجبال. واستقبل القاضي عبد الجبار الصاحب يوما فلم يترجل له، فقال: أيها الصاحب أريد أن أترجل للخدمة ولكن العلم يأبى ذلك. وكان يكتب في عنوان كتابه «إلى الصاحب: داعيه عبد الجبار بن أحمد» ثم كتب «وليه عبد الجبار بن أحمد» ثم كتب «عبد الجبار بن أحمد» فقال الصاحب لندمائه: أظنه يؤول أمره إلى أن يكتب الجبار.

وأنشد الصاحب لنفسه يرثي:

يقولون لي أودى كثير بن أحمد ... وذلك رزء ما علمت جليل

فقلت دعوني والعلا نبكه معا ... فمثل كثير في الرجال قليل

وذكر هلال بن المحسن عن أبي طاهر ابن الحمامي عن الانبراني الكاتب، قال: ورد إلى الصاحب رجل من أهل الشأم فكان فيما استخبره عنه: رسائل من تقرأ عندكم؟ فقال: رسائل ابن عبد كان، قال: ومن؟ قال: رسائل الصابىء، وغمزه أحد جلسائه ليقول رسائل الصاحب فلم يفطن، ورآه الصاحب فقال: تغمز حمارا لا يحسّ.

وكان صاحب خراسان الملك نوح بن منصور الساماني قد أرسل إلى الصاحب في السرّ يستدعيه إلى حضرته ويرغّبه في خدمته، وبذل البذول السنية، فكان من جملة اعتذاره أن قال: كيف يحسن بي مفارقة قوم بهم ارتفع قدري، وشاع بين الأنام ذكري، ثم كيف لي بحمل أموالي، مع كثرة أثقالي، وعندي من كتب العلم خاصة ما يحمل على أربعمائة جمل أو أكثر.

قال أبو الحسن البيهقي: وأنا أقول: بيت الكتب الذي بالري على ذلك دليل بعد ما أحرقه السلطان محمود بن سبكتكين، فإني طالعت هذا البيت فوجدت فهرست تلك الكتب عشر مجلدات، فإن السلطان محمودا لما ورد إلى الريّ قيل له ان هذه الكتب كتب الروافض وأهل البدع، فاستخرج منها كلّ ما كان في علم الكلام وأمر بحرقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>