للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فرأيت الصاحب مقبلا عليه بمجامعه، حسن الإصغاء إلى إنشاده مستعيدا لاكثر أبياته، مظهرا من الاعجاب به والاهتزاز له ما يعجب الحاضرين، فلما بلغ إلى قوله:

أدعى بأسماء نبزا في قبائلها ... كأنّ أسماء أضحت بعض أسمائي

أطلعت شعري فألقت شعرها طربا ... فألّفا بين إصباح وامساء

زحف عن دسته طربا له، فلما بلغ إلى قوله في المدح:

لو أن سحبان باراه لأسحبه ... على خطابته أذيال فأفاء

أرى الأقاليم قد ألقت مقالدها ... إليه مستبقات أيّ إلقاء

فساس سبعتها منه بأربعة ... أمر ونهي وتثبيت وإمضاء

كذاك توحيده ألوى بأربعة ... كفر وجبر وتشبيه وإرجاء

فجعل يحرك رأسه ويقول: أحسنت أحسنت، فلما أنهى القصيدة أمر له بجائزة وخلع.

قال الأمير أبو الفضل الميكالي «١» : كتب عامل رقعة إلى الصاحب في التماس شغل وفي الرقعة. إن رأى مولانا أن يأمر بإشغالي ببعض أشغاله فعل، فوقع الصاحب تحتها: من كتب إشغالي لا يصلح لأشغالي.

وحدث هلال بن المحسن: ما رئي أحد وفّي من الإعظام والاكبار بعد موته ما وفّيه الصاحب، فإنه لما جهز ووضع في تابوته وأخرج على أكتاف حامليه للصلاة عليه قام الناس بأجمعهم فقبلوا الأرض بين يديه، وخرّقوا عند ذلك ثيابهم، ولطموا وجوههم، وبلغوا في البكاء والنحيب عليه جهدهم. وكان يلبس القباء في حياته تحققا بالوزارة وانتسابا معها إلى الجندية.

وحدث عن أبي الفتح ابن المقدر قال: كان أبو القاسم ابن أبي العلاء الشاعر من وجوه أهل أصبهان وأعيانهم ورؤسائهم، فحدثني أنه رأى في منامه قائلا يقول له: لو كاثرت الصاحب أبا القاسم ابن عباد مع فضلك وكثرة علمك وجودة شعرك فقلت:

<<  <  ج: ص:  >  >>