أنشدنيها مؤدبي أبو بكر الدريدي ثم قرأتها عليه مرارا، فسألناه أن ينشدناها فقال:
أنشدنا أبو بكر ابن دريد «١» :
إمّا تري رأسي حاكى لونه
إلى أن بلغ إلى الأبيات التي مدحهم الدريدي فيها، فقال: هذه الأبيات قد ذكرنا فيها، فلو أنشدها بعضكم، فقرأها عليه أبو منصور الفقيه وأقرّ بها وهي «٢» :
إنّ العراق لم أفارق أهله ... عن شنآن صدّني ولا قلى
إلى أن بلغ قوله:
لا زال شكري لهما مواصلا ... دهري أو يعتاقني صرف المنى «٣»
إلى ها هنا قرىء عليه، ثم أنشدنا لفظا إلى آخرها، وذلك في شهر رمضان سنة ست وأربعين وثلاثمائة.
قال الحاكم: سمعت أبا بكر محمد «٤» بن إبراهيم الجوري الأديب وهو يحدثنا عن أبي بكر ابن دريد، قلت له: أين كتبت عنه ولم تدخل العراق؟ قال: كتبت عنه بفارس لما قدم على عبد الله بن محمد بن ميكال لتأديب ولده أبي العباس، فقلت له: أبو العباس إذ ذاك صبي؟ فقال: لا والله إلا رجل إمام في الأدب والفروسية بحيث يشار إليه.
قال: وسمعت أبا عبد الله محمد بن الحسين الوضاحي يقول «٥» : سمعت أبا العباس ابن ميكال يذكر صلة الدريدي في إنشائه المقصورة فيهم؛ قال الوضاحي:
فقلت له: وأيش الذي وصل إليه من خاصة الشيخ؟ فقال: لم تصل يدي إذ ذاك إلا إلى ثلاثمائة دينار صببتها في طبق كاغد ووضعتها بين يديه.
قال: وسمع الميكالي من عبدان الاهوازي، وسمع «الموطأ» لمالك بن أنس، وسمع لما عاد إلى نيسابور من أبي بكر محمد بن خزيمة وأبي العباس الثقفي