أبو بكر محمد بن الحسن الزبيدي النحوي صاحب كتاب «مختصر العين» و «أخبار النحويين» وكان حينئذ إماما في الأدب، ولكن عرف فضل أبي علي فمال إليه واختصّ به واستفاد منه وأقرّ له.
قال الحميدي «١» : وكان أقام ببغداد خمسا وعشرين سنة ثم خرج منها قاصدا إلى المغرب سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ووصل إلى الأندلس في سنة ثلاثين وثلاثمائة في أيام عبد الرحمن الناصر، وكان ابنه الأمير أبو العاص الحكم بن عبد الرحمن من أحبّ ملوك الأندلس للعلم وأكثرهم اشتغالا به وحرصا عليه، فتلقاه بالجميل وحظي عنده وقرب منه وبالغ في إكرامه، ويقال إنه هو الذي كتب إليه ورغّبه في الوفود عليه.
واستوطن قرطبة ونشر علمه بها.
قال «٢» : وكان إماما في علم العربية متقدما فيها متقنا لها، فاستفاد الناس منه وعوّلوا عليه، واتخذوه حجة فيما نقلوه. وكانت كتبه على غاية التقييد والضبط والاتقان. وقد ألّف في علمه الذي اختصّ به تآليف مشهورة تدلّ على سعة علمه وروايته. وحدّث عنه جماعة منهم أبو محمد عبد الله بن الربيع بن عبد الله التميمي، ولعله آخر من حدث عنه، وأحمد بن أبان بن سيد، والزبيدي كما ذكرنا آنفا. قال:
وكان أعلم الناس بنحو البصريين وأرواهم للشعر مع اللغة.
قال الزبيدي «٣» : وسألته لم قيل له القالي فقال: لما انحدرنا إلى بغداد كنّا في رفقة فيها أهل قالي قلا، وهي قرية من قرى منازجرد، وكانوا يكرمون لمكانهم من الثغر، فلما دخلت بغداد نسبت إليهم لكوني معهم، وثبت ذلك عليّ.
قال الحميدي «٤» : وكان الحكم المستنصر قبل ولايته الأمور وبعد أن صارت إليه يبعثه على التأليف، وينشطه بواسع العطاء، ويشرح صدره بالإجزال في الإكرام.
... وكانوا يسمونه بالبغدادي لكثرة مقامه [بها] ووصوله إليهم منها.
قال السلفي بإسناد له: أخبرنا القاضي أبو الحكم منذر بن سعيد البلوطي قال: