(آل عمران: ١١٠) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:
«خير هذه الأمة أبو بكر» .
قال زكرياء بن يحيى وسمعت ابن عياش يقول: لو أتاني أبو بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم في حاجة لبدأت بحاجة عليّ قبل حاجة أبي بكر وعمر لقرابته برسول الله، ولأن أخرّ من السماء إلى الأرض أحبّ إليّ من أن أقدّمه عليهما. وكان يقدم عليا على عثمان ولا يغلو ولا يقول إلا خيرا.
وحدث المرزباني بإسناده عن أبي بكر ابن عياش عن ذر عن عبد الله قال: إن الله عزّ وجلّ نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلّم خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه وابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلبه فوجد قلوب أصحابه خير القلوب بعد قلبه، فجعلهم وزراء نبيه صلى الله عليه وسلّم يقاتلون عن دينه، فما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون سيئا فهو عند الله سيّء؛ قال أبو بكر ابن عياش: وأنا أقول: إنهم رأوا أن يولوا أبا بكر بعد النبي صلى الله عليه وسلّم.
وحدث المرزباني، حدثنا محمد بن مخلد العطار، حدثنا أبو عمر العطاردي قال: بعث أبو بكر ابن عياش إلى أبي يوسف الأعشى، فمضيت مع أبي يوسف ومع عبد الوهاب بن عمر والعباس بن عمير، فدخلنا إليه وهو في علية له، فقال لأبي يوسف: قد قرأت عليّ القرآن مرتين، وقد نقلت عني القرآن، فاقرأ عليّ آخر الأنفال، واقرأ عليّ من رأس المائة من براءة، واقرأ عليّ كذا واقرأ كذا، فقال له أبو يوسف: يا أبا بكر هذا القرآن والحديث والفقه وأكثر الأشياء قد أفدتها بعد ما كبرت أو لم تزل فيه مذ كنت؟ ففكر هنيهة ثم قال: بلغت وأنا ابن ست عشرة سنة، فكنت فيما يكون فيه الشبان مما يعرف وينكر سنتين، ثم وعظت نفسي وزجرتها، وأقبلت على الخير وقراءة القرآن، فكنت أختلف إلى عاصم في كلّ يوم، وربما مطرنا ليلا فأنزع سراويلي وأخوض الماء إلى حقويّ، فقال له أبو يوسف: ومن أين هذا الماء كله؟ قال: كنا إذا مطرنا جاء ماء الحيرة إلينا حتى يدخل الكوفة. وكنت إذا قرأت على عاصم أتيت الكلبيّ فسألته عن تفسيره. وأخبرني أبو بكر أن عاصما أخبره أنه كان يأتي زرّ بن حبيش فيقرئه خمس آيات لا يزيد عليها شيئا، ثم يأتي أبا عبد الرحمن السلمي فيعرضها عليه، فكانت توافق قراءة زرّ قراءة أبي عبد الرحمن، وكان أبو