للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خليليّ عوجا من صدور الرواحل ... بجمهور حزوى وابكيا في المنازل

لعلّ انحدار الدمع يعقب راحة ... من الوجد أو يشفي نجيّ البلابل

فسألت عنه فقيل: ذو الرمة، قال: فأصابتني بعد ذلك مصائب فكنت أبكي فأجد راحة، فقلت في نفسي: قاتل الله الأعرابي ما كان أبصره وأعلمه.

وحدث المرزباني عن الحسن النحوي عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال:

سمعت عمّي القاسم بن محمد يقول: حدثني يحيى بن آدم قال: لما قدم هارون الرشيد الكوفة نزل الحيرة ثم بعث الى أبي بكر ابن عياش، فحملناه إليه، وكنت أنا أقتاده بعد ذهاب بصره، فلما انتهينا إلى باب الخليفة ذهب الحجّاب يأخذون أبا بكر مني، فأمسك أبو بكر بيدي وقال: هذا قائدي لا يفارقني، فقالوا: ادخل أنت وقائدك يا أبا بكر، قال يحيى: فدخلت به وإذا هارون جالسا وحده، فلما دنا منه أنذرته فسلّم عليه بالخلافة، فأحسن هارون الردّ، فأجلسته حيث أمرت، ثم خرجت فقعدت في مكان أراهما وأسمع كلامهما، قال: فجعلت أنظر إلى هارون يتلمح أبا بكر، قال:

وكان أبو بكر رجلا قد كبر وضعفت رقبته، فإنما ذقنه على صدره، فسكت هارون عنه ساعة ثم قال له: يا أبا بكر، فقال: لبيك يا أمير المؤمنين، قال: إني سائلك عن أمر، فأسألك بالله لما صدقتني عنه، قال: إن كان علمه عندي، قال: إنك قد أدركت أمر بني أمية وأمرنا، فأسألك بالله أيهما كان أقرب إلى الحقّ؟ قال يحيى:

فقلت في نفسي اللهم وفّقه وثبّته، قال: فأطال أبو بكر في الجواب ثم قال له: يا أمير المؤمنين أمّا بنو أمية فكانوا أنفع للناس منكم وأنتم أقوم بالصلاة منهم. قال: فجعل هارون يشير بيده ويقول: إن في الصلاة، إن في الصلاة؛ قال: ثم خرج فتبعه الفضل بن الربيع فقال: يا أبا بكرّ إن أمير المؤمنين قد أمر لك بثلاثين ألفا، فقال أبو بكر: فما لقائدي؟ فضحك الفضل وقال: لقائدك خمسة آلاف، قال يحيى:

فأخذت الخمسة آلاف قبل أن يأخذ أبو بكر الثلاثين.

وحدث بإسناد رفعه إلى أبي بكر ابن عياش قال: دخلت على هارون أمير المؤمنين فسلّمت وجلست، فدخل فتى من أحسن الناس وجها فسلّم وجلس، فقال لي هارون: يا أبا بكر أتعرف هذا؟ قلت: لا، قال: هذا ابني محمد، ادع الله له، فقلت: يا أمير المؤمنين جعله الله أهلا لما جعلته له أهلا، فسكت ثم قال: يا أبا بكر

<<  <  ج: ص:  >  >>