فدعا له أبو علي وقال: أيأذن مولانا في نقل هذين البيتين؟ فأذن فاستملاهما منه.
وكان «١» مع عضد الدولة يوما في الميدان فسأله بماذا ينتصب الاسم المستثنى في نحو قام القوم إلا زيدا، فقال أبو علي: ينتصب بتقدير أستثني زيدا، فقال له عضد الدولة: لم قدّرت «أستثني زيدا» فنصبت؟ هلّا قدرت «امتنع زيد» فرفعت؟
فقال أبو علي: هذا الذي ذكرته جواب ميدانيّ فإذا رجعت قلت لك الجواب الصحيح. وقد ذكر أبو علي في «كتاب الإيضاح» أنه انتصب بالفعل المتقدم بتقوية إلّا.
قالوا: ولما صنف أبو علي «كتاب الإيضاح» وحمله إلى عضد الدولة استقصره عضد الدولة وقال له: ما زدت على ما أعرف شيئا، وإنما يصلح هذا للصبيان، فمضى أبو علي وصنّف «التكملة»«٢» وحملها إليه، فلما وقف عليها عضد الدولة قال: غضب الشيخ وجاء بما لا نفهمه نحن ولا هو.
وحكى ابن جني عن أبي علي الفارسي: قرأ عليّ علي بن عيسى الرماني «كتاب الجمل» و «كتاب الموجز» لابن السراج في حياة ابن السراج. وكان أبو طالب العبدي يقول: لم يكن بين أبي علي وبين سيبويه أحد أبصر بالنحو من أبي علي.
قرأت بخط سلامة بن عياض النحوي ما صورته: وقفت على نسخة من «كتاب الحجة» لأبي علي الفارسي في صفر سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة بالري في دار كتبها التي وقفها الصاحب ابن عباد رحمه الله، وعلى ظهرها بخط أبي علي ما حكايته: هذا- أطال الله بقاء سيدنا الصاحب الجليل- أدام الله عزه ونصره وتأييده وتمكينه- كتابي في قراء الأمصار الذين بينت قراءتهم في كتاب أبي بكر أحمد بن موسى المعروف بكتاب السبعة، فما تضمّن من أثر وقراءة ولغة فهو عن المشايخ الذين