للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبب وفاة أختي، يعني التي كانت حليلة الشيخ رحمة الله عليهما؟ قلت: لا، قال قالت أختي: كان للشيخ في الدار بيت مختصّ به لا يدخله غيره، وكان يأذن لي في بعض الليالي بدخولي فيه، وفي أكثر الأوقات وأغلب الليالي يغلق الباب على نفسه ويخلو فيه بنفسه، وأبيت أنا في الدار وحدي، فاشتدّ ذلك عليّ حتى أقلق نهاري وأسهر ليلي، فبينا أنا متفكرة في بعض تلك الليالي إذ قلت في نفسي: لم لا أقوم فأرتقي الرواق وأنظر إليه من كوّة البيت لأقف على حاله، فقمت وارتقيت الرواق، فقبل بلوغي الكوة رأيت نورا عظيما وضياء ساطعا من البيت أضاء منه شيء، فتقدمت ونظرت في البيت، فرأيت الشيخ جالسا في مكانه، وحوله جماعة يقرأون عليه، وكنت أرى سوادهم وأسمع حسّهم غير أني لا أرى صورهم، فهالني ذلك ووقعت مغشيّا عليّ لا أشعر شيئا، إلا أني رأيت الشيخ واقفا على رأسي، فأقامني وتلطّف بي وقال لي: ماذا دهاك؟ فقصصت عليه قصتي، فقال لي: كفي عن هذا ولا تخبري بما رأيت أحدا من الناس إن كنت تريدين رضاي، فقبلت منه ذلك وكتمت سرّه حتى أمرضني، وحملت مريضة إلى دار أبي؛ قال الامام أبو عبد الله وقال لي الشيخ أبو بكر واشتدّ عندنا مرضها، وكنا نسألها عن سبب مرضها، وكانت تعلل بأشياء، إلى أن وقعت في هول الموت وسياق النزع، ثم نظرت إلينا وبكت ثم قالت: أوصيكم بزوجي أبي العلاء واسترضائه، والآن بدا لي أن أخبركم بسبب موتي، ثم قصّت علينا هذه القصة، وفارقت الدنيا، رحمها الله.

قال: وسمعت الشيخ أبا العلاء أحمد بن الحسن الحداد العارف يقول: سمعت الشيخ عمر بن سعد بن عبد الله بن حذيفة من نسل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه يقول: كنت مع الحافظ أبي العلاء في بعض الأسفار، فأدركنا شيخا من أهل الحديث، وانتخب عليه الحافظ جزءا من مسموعه وسماعه عليه، وارتحلنا من عنده فوصلنا إلى نهر عظيم، فلما عبرنا النهر وقع ذلك الجزء منّا وضاع، وضاق قلب الحافظ لذلك ضيقا شديدا، فلما كان بعد ذلك بأيام استقبلنا رجل حسن الوجه حسن الشارة وسلّم علينا، ثم أقبل على الحافظ وقال: ما الذي أصابكم وما سبب حزنك؟

فقصّ عليه الحافظ قصة الجزء وكيفية ضياعه، فقال: خذ القلم واكتب عني جميع ما ضاع عنك في ذلك الجزء، وأخذ الحافظ القلم متعجبا ننظر إليه وهو يملي والحافظ

<<  <  ج: ص:  >  >>