للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدث أبو الكرم خميس بن علي الحوزي النحوي الحافظ الواسطي في أماليه- وله في هذا الكتاب باب «١» قال: قدم أبو سعيد الحسن بن الحسين السكري بغداد فحضر مجلس أبي زكريا الفراء، وهو يومئذ شيخ الناس بها، فأملى الفراء بابا في التصغير قال فيه: العرب تقول: هو الهن وتصغيره الهنيّ، وتثنيته في الرفع الهنيّان، وفي النصب والجر الهنيّين، وأنشد عليه قول القتّال الكلابي «٢» :

يا قاتل الله صلعانا تجيء بهم ... أمّ الهنيّين من زند لها واري

فأمسك أبو سعيد حتى إذا انقضى المجلس ولم يبق فيه أحد سوى الفراء تقدم أبو سعيد حتى جلس بين يديه وقال له: أكرمك الله، أنا رجل غريب، وقد مرّ شيء أتأذن لي في ذكره؟ فقال: اذكره، فقال: إنك قلت هو الهن وتثنيته في الرفع الهنيان وفي النصب والجر الهنيين، وهذا جميعه كما قلت، ثم أنشدت قول الكلابي:

يا قاتل الله صلعانا تجيء بهم ... أم الهنيين من زند لها واري

وليس هكذا أنشدناه أشياخنا، قال الفراء: ومن أشياخك؟ قال: أبو عبيدة وأبو زيد والأصمعي، قال الفراء: وكيف أنشده أشياخك؟ قال: فزعموا أن الهنبر بوزن الخنصر ولد الضبع، وأن القتّال قال:

يا قاتل الله صلعانا تجيء بهم ... أم الهنيبر من زند لها واري

على التصغير؛ ففكر الفراء ساعة وقال: أحسن الله عن الإفادة وحسن «٣» الأدب جزاءك.

قال المؤلف ياقوت بن عبد الله: هكذا وجدت هذا الخبر في أمالي الحوزي، وهو ما علمت من الحفاظ، إلا أنه غلط فيه من وجوه: وذلك أن السكري لم يلق الأصمعي ولا أبا عبيدة ولا أبا زيد، وإنما روى عمن روى عنهم كابن حبيب وابن أبي أسامة والخراز وطبقتهم، ثم إن السكري ولد في سنة اثنتي عشرة ومائتين، وأبو عبيدة

<<  <  ج: ص:  >  >>