كان يأكل من كسب «١» يمينه، فكان لا يخرج إلى مجلس الحكم ولا إلى مجلس التدريس حتى ينسخ عشر ورقات يأخذ أجرتها عشرة دراهم تكون بقدر مؤونته ثم يخرج إلى مجلسه. وصنّف كتبا: منها شرح كتاب سيبويه.
قال أبو حيان التوحيدي: رأيت أصحاب أبي علي الفارسي يكثرون الطلب لكتاب «شرح سيبويه» ويجتهدون في تحصيله، فقلت لهم: إنكم لا تزالون تقعون فيه وتزرون على مؤلّفه فما لكم وله؟ قالوا: نريد أن نردّ عليه ونعرّفه خطأه فيه. قال أبو حيان: فحصّلوه واستفادوا منه ولم يردّ عليه أحد منهم، أو كما قال أبو حيان فإني لم أنقل ألفاظ الخبر لعدم الأصل الذي قرأته منه.
وكان أبو علي وأصحابه كثيري الحسد لأبي سعيد، وكانوا يفضلون عليه الرماني، فحكى ابن جني عن أبي علي أن أبا سعيد قرأ على ابن السراج خمسين ورقة من أول الكتاب ثم انقطع، قال أبو علي: فلقيته بعد ذلك فعاتبته على انقطاعه فقال لي: يجب على الانسان أن يقدم ما هو أهم، وهو علم الوقت من اللغة والشعر والسماع من الشيوخ، فكان يلزم ابن دريد ومن جرى مجراه من أهل السماع.
وقال أبو الفرج علي بن الحسين الأصفهاني صاحب «كتاب الأغاني» يهجو أبا سعيد السيرافي:
لست صدرا ولا قرأت على صدر ... ولا علمك البكيّ بشاف «٢»
لعن الله كلّ شعر ونحو ... وعروض يجيء من سيراف
وذكره محمد بن إسحاق النديم فقال «٣» : قال لي أبو محمد «٤» ولد أبي سعيد:
[ولد أبي] بسيراف، وفيها ابتدأ بطلب العلم، وخرج عنها قبل العشرين، ومضى إلى عمان فتفقه بها، ثم عاد إلى سيراف ومضى إلى العسكر فأقام بها مدة (قال المؤلف: وبها قرأ فيما أحسب على المبرمان) قال: كان فقيها على مذهب العراقيين، وورد إلى