الشين» فقال: لا يعاج عليه، قلنا له: فهو صحيح عن ابن دريد؟ فقال: نعم هو عنه بخطّي في «كتاب الجمهرة» . قال: وكان أبو الفتح ابن النحوي وأبو الحسن الدريدي سألاني عن ذلك فاستعفيت من الإجابة لئلا أنسب إلى أبي بكر حرفا أجمع الناس على خلافه.
وقال أبو حيان في «كتاب محاضرات العلماء» قال: وحضرت مجلس شيخ الدهر، وقريع العصر، العديم المثل، المفقود الشكل، أبي سعيد السيرافي، وقد أقبل على الحسين بن مردويه الفارسي يشرح له ترجمة «المدخل إلى كتاب سيبويه» من تصنيفه، فقال له: علّق عليه، واصرف همتك إليه، فإنك لا تدركه إلا بتعب الحواسّ، ولا تتصوّره إلا بالاعتزال عن الناس. فقال: أيّد الله القاضي، أنا مؤثر لذلك، ولكنّ اختلال الأمر وقصور الحال يحول بيني وبين ما أريده، فقال له: ألك عيال؟ قال: لا، قال: عليك ديون؟ قال: دريهمات، قال: فأنت ريّح القلب حسن الحال ناعم البال، اشتغل بالدرس والمذاكرة والسؤال والمناظرة واحمد الله تعالى على خفّة الحاذ وحسن الحال، وأنشده:
إذا لم يكن للمرء مال ولم يكن ... له طرق يسعى بهنّ الولائد
وكان له خبز وملح ففيهما ... له بلغة حتى تجيء العوائد
وهل هي إلا جوعة إن سددتها ... فكلّ طعام بين جنبيك واحد
قال: وكان يقرأ على أبي سعيد السيرافي «الكامل» للمبرد فجاءه أبو أحمد ابن مردك «١» ، وكان هذا من ساوة واستوطن بغداد وولد [له] بها، وكان له قرب ومنزلة من أبي سعيد يوجب حقّه ويرعى له، فقال له يوما: أيها الشيخ عندي ابنة بلغت حدّ التزويج، وجماعة من الغرباء والبغداديين يخطبونها، فما ترى؟ ممن أزوجها؟
فقال: ممّن يخاف الله تعالى وأكثرهم تقية وخشية منه، فإن من يخاف الله إن أحبها بالغ في إكرامها، وإن لم يحبها تحرّج من ظلمها، فاستحسنّا ذلك وأثبتناه. ثم قال:
لا تنسبوا هذا إليّ إنما هذا قول الحسن.
قال: وشبيه هذه الحكاية أن رجلا وقف على الحسن فقال: علمني ما يقربني