للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال فأمر له بثلاثمائة دينار ولابن عباس بمثلها، هكذا أخبرني المصري في خبر هذا الشعر وأنه لأبي إسحاق النّجيرمي [١] .

ووجدت في أخبار رواها أبو الجوائز الواسطي قال، حدثني أبو الحسين ابن أذين النحوي، وكان شيخا قد نيف على الثمانين في سنة أربعمائة، قال: حضرت مع والدي وأنا طفل مجلس كافور الاخشيدي وهو غاصّ بأهله، فدخل رجل غريب فسلّم ودعا له، وذكر القصة ولم يذكر الفضل بن عباس، قال: فقام رجل فأنشد- ولم يذكر النجيرمي- وأنشد الشعر بعينه وجهل الرجلين.

قرأت في كتاب من إملاء النّجيرمي، قال كاتبه: أنشدني أبو إسحاق وهي له:

بدّلني الدهر أميرا معورا ... بسيّد كان خضمّا كوثرا [٢]

إذا شممت كفّه مذ أمّرا ... شممت منها غمرا مقتّرا [٣]

بما أشمّ مسكا وعنبرا ... يا بدلا كان لفاء أعورا [٤]

وأنشدهم أيضا لنفسه:

وأيّ فتى صبر على الأين والوجى ... إذا اعتصروا للّوح ماء فظاظها [٥]

إذا ضربوها ساعة بدمائها ... وحلّ عن الكوماء عقد شظاظها [٦]


[١] جاء في (ر) بعد حكاية اللحن هذه ما نصه: قال كاتبه عفا الله عنه: كتب أبو الفتح اسحاق بن أبي البركات بن الشويخ رأس مثيبة اليهود في زمن المستعصم بالله إلى تاج الدين معلى بن الدباهي، وهو يومئذ صدر المخزن رقعة تتضمن سؤالا لبعض يهود حربى فكتب على رأسها: «يجاب سؤال رافعوها» فلما وقف على هذا اللحن كتب إليه من نظمه:
قد كان همكم في جبر منكسر ... أو رفد مفتقر أو بسط منقبض
حذا يراعكم في الفعل مثلكم ... فليس ينكر منه رفع منخفض
توفي سنة خمس وأربعين وستمائة.
[٢] المعور: الناقص؛ الكوثر: الرجل الكثير العطاء.
[٣] الغمر: السهك وريح اللحم؛ مقتر: ساطع الرائحة.
[٤] اللفاء: الخسيس؛ وفي المثل «بدل أعور» يضرب في المذموم يجيء بعد المحمود، انظر فصل المقال: ١٨٣ ومجمع الميداني ١: ٥٩.
[٥] الأين: التعب؛ الوجى: الألم الناشىء عن الحفاء؛ اللوح: العطش: الفظاظ: الكروش.
[٦] الكوماء: الناقة ذات السنام المرتفع؛ الشظاظ: العود الذي يدخل في عروة الجوالق.

<<  <  ج: ص:  >  >>