علاقتها بالشكل اللفظي، ما تقول في قول القائل: زيد أفضل الاخوة؟ قال:
صحيح، قال فما تقول إن قال: زيد أفضل إخوته، قال: صحيح، قال: فما الفرق بينهما مع الصحة؟ فبلّح وجنح وعصب ريقه «١» . فقال أبو سعيد: أفتيت على غير بصيرة ولا استبانة. المسألة الأولى جوابك عنها صحيح وإن كنت غافلا عن وجه صحتها، والمسألة الثانية جوابك عنها غير صحيح وإن كنت أيضا ذاهبا عن وجه بطلانها. قال متى: بين ما هذا التهجين. قال أبو سعيد: إذا حضرت المختلفة استفدت، ليس هذا مكان التدريس، هو مجلس إزالة التلبيس مع من عادته التمويه والتشبيه، والجماعة تعلم أنك أخطأت، فلم تدعي أن النحويّ إنما ينظر في اللفظ لا في المعنى والمنطقي ينظر في المعنى لا في اللفظ؟ هذا كان يصحّ لو أن المنطقي يسكت ويجيل فكره في المعاني ويرتب ما يريد في الوهم السيّاح «٢» والخاطر العارض والحدس الطارىء، وأما وهو يريغ أن يبرز ما صحّ له بالاعتبار والتصفح إلى المتعلم والمناظر فلا بدّ له من اللفظ الذي يشتمل على مراده، ويكون طباقا لغرضه، وموافقا لقصده.
قال ابن الفرات: يا أبا سعيد تمم لنا كلامك في شرح المسألة حتى تكون الفائدة ظاهرة لأهل المجلس والتبكيت عاملا في نفس أبي بشر. فقال: ما أكره من إيضاح الجواب عن هذه المسألة إلا ملل الوزير، فإن الكلام إذا طال ملّ. فقال ابن الفرات: ما رغبت في سماع كلامك وبيني وبين الملل علاقة، فأما الجماعة فحرصها على ذلك ظاهر. فقال أبو سعيد: إذا قلت زيد أفضل إخوته لم يجز، وإذا قلت:
زيد أفضل الاخوة جاز، والفصل بينهما أنّ إخوة زيد هم غير زيد، وزيد خارج من جملتهم، ودليل ذلك أنه لو سأل سائل فقال: من إخوة زيد لم يجز أن تقول زيد وعمرو وبكر وخالد، وإنما تقول: بكر وعمرو وخالد، ولا يدخل زيد في جملتهم، فإذا كان زيد خارجا عن إخوته صار غيرهم، فلم يجز أن يكون أفضل إخوته كما لم يجز أن يكون حمارك أفضل البغال لأن الحمار غير البغال، كما أن زيدا غير إخوته،