أروم نهوضا ثم يثني عزيمتي ... تعوذ «١» أعضائي من الرجفان
فضمّنت بيت ابن الشريد «٢» كأنما ... تعمّد تشبيهي به وعناني
«أهمّ بأمر الحزم لو أستطيعه ... وقد حيل بين العير والنزوان»
قال: ثم نهض وقال لابد من الحمل على النفس، قال: فإن الصاحب لا يقنعه هذا، وركب بغلة وقصده، فلم يتمكن من الوصول إلى الصاحب لاستيلاء الحشم، فصعد تلعة ورفع صوته بقول أبي تمام:
ما لي أرى القبة الفيحاء مقفلة ... دوني وقد طال ما استفتحت مقفلها
كأنها جنة الفردوس معرضة ... وليس لي عمل زاك فأدخلها
قال: فناداه الصاحب: ادخلها يا أبا أحمد فلك السابقة الأولى، فتبادر إليه أصحابه فحملوه حتى جلس بين يديه، فسأله عن مسألة، فقال أبو أحمد: الخبير صادفت، فقال الصاحب: يا أبا أحمد تغرب في كلّ شيء حتى في المثل السائر فقال: تفاءلت عن السقوط بحضرة مولانا- وإنما كلام العرب سقطت-. ووجدت بعد ذلك أنه توفي في سنة سبع وثمانين وثلاثمائة.
وحدث ابن نصر قال: حدثني أبو أحمد العسكري بالبصرة قال: كان أبو جعفر المجوسي عامل البصرة رجلا واسع النفس، وكان يتعاهد الشعراء ويراعيهم مثل العصفري والنهرجوري وغيرهم، وهم يهجونه، وكان هذان خصوصا من أوضعهم، وقد رأيت النهرجوري. قال: فلما مات أبو جعفر رثاه النهرجوري بقوله:
يا ليت شعري وليت ربتما ... صحّت فكانت لنا من العبر
هل أرين شوثنا وأمّته ... راكبة حوله على البقر
يقدمهم أربعون لبسهم ... مع حلية الحرب حلّة النمر
وأنت فيهم قد ابترزت لنا ... كالشمس في نورها أو القمر
قد نكحوا الأمهات واتكلوا ... على عتيق الأبوال في الطهر