بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله مانح الجزيل، ومعوّد الجميل، ذي المن العظيم، والبلاء الجسيم:
الآن حين تعاطى القوس باريها ... وأبصر السمت في الظلماء ساريها «١»
الآن عاد إلى الدنيا مهلّبها ... سيف الخلافة بل مصباح داجيها
أضى الوزارة تزهى في مواكبها ... زهو الرياض إذا جادت غواديها
تاهت علينا بميمون نقيبته ... قلّت لمقداره الدنيا وما فيها
موفّق الرأي مقرون بغرّته ... نجم السعادة يرعاها ويحميها
معزّ دولتها هنئتها فلقد ... أيدتها بوثيق من رواسيها
تهنئة مثلي من أولياء الوزير- أطال الله بقاءه- الدعاء، وأفضله ما صدر عن نية لا يرتاب بها ولا يخشى مذقها، وكان غيب صاحبه أفضل من مشهده، فهنأ الله الوزير كرامته، وأحلى له ثمرة ما منحه، وأحمد بدأه وعاقبته ومفتتحه وخاتمته، حتى تتصل المواهب عنده اتصالا في مستقبله ومستأنفه، يوفي على متقدمه بمنّه. وكتابي هذا- أيد الله الوزير- من المنزل برامهرمز، وأنا عقيب علّة ومحنة، ولولا ذلك لم أتأخر عن حضرته- أجلّها الله- مهنّئا ومسلّما، فإن رأى الوزير شرفني بجواب هذا الكتاب.
فكتب إليه المهلبي جوابه: بسم الله الرحمن الرحيم، وصل كتابك يا أخي- أطال الله بقاءك، وأدام عزك وتأييدك «٢» ونعماءك- المتضمن نفيس الجواهر من بحار الخواطر، الحاوي ثمار الصفاء من منبت الوفاء، وفهمته ووقع ما أهديته من نظم ونثر، وخطاب وشعر، موقع الريّ من ذي الغلّة، والشفاء من ذي العلّة، والفوز من ذي الخيبة، والأوب من ذي الغيبة، وما طابت بي حال «٣» إلا وأنت الأولى بسرورها والأغبط بحبورها، إذ كنت شريك النفس في السراء ومواسيها في الضرّاء. وتكلفت الإجابة عما نظمت على كثرة من الشغل إلّا عنك، وزهد في المطاولة إلّا فيك، والعذر في تقصيرها عن الغاية واضح، ودليل العجلة فيها لائح، وأنت بمواصلتي بكتبك وأخبارك