وذكر الجهشياري في «كتاب الوزراء»«١» أن رجلا من أهل خراسان أودع أبا حسان الزياديّ القاضي عشرة آلاف درهم، وأنها صادفت منه خلّة فأنفقها، وقدّر أن يأتي ما يردّ على الخراساني مكانها إلى أن ينصرف الخراساني من الحج، فحدث للخراساني أمر قطعه عن الحج، وعزم على الانصراف إلى بلده، فصار إلى أبي حسان يلتمس منه ماله، فتعلّل عليه ودافعه وتحيّر وضاقت الحيلة عليه، وعاد الخراساني مرارا فدافعه، ثم وعده في يوم بعينه، واشتد غمّه وقلقه وأجمع على بذل وجهه إلى بعض إخوانه، فلما كان في ليلة اليوم الذي وعد الرجل فيه امتنع عليه النوم من شدة قلقه، فقام في بعض الليل فقصد دينار بن عبد الله، فلما صار في بعض الطريق تلقّاه رسول لدينار يسأل عن أبي حسان، فلما سمع ذكره سأله عن سببه وتعرّف إليه، فقال له: أبو علي دينار يقرأ عليك السلام ويقول لك: قسمت شيئا على عيالنا وذكرت من في منزلك منهم فوجهت إليهم بعشرة آلاف درهم، فقبلها وحمد الله، وصار إلى منزله فسلمها إلى الخراساني، وصار إلى دينار بن عبد الله شاكرا له وعرّفه خبره، فقال له دينار: فأرانا إنما وجّهنا بمال الخراساني فعلى ماذا يعتمد العيال؟ وأمر له بعشرة آلاف درهم أخرى.
وفي سنة ثماني عشرة ومائتين كتب المأمون من الثغر إلى إسحاق بن إبراهيم المصعبي والي بغداد في امتحان القضاة والشهود والفقهاء والمحدثين بالقرآن، فمن أقرّ أنه مخلوق محدث خلّى سبيله، ومن أبي عليه أعلمه به ليأمر فيه برأيه، فأحضر إسحاق أبا حسّان الزيادي وبشر بن الوليد الكندي وعلي بن أبي مقاتل والفضل بن غانم والذيال بن هيثم وسجّادة والقواريري وأحمد بن حنبل وقتيبة وسعدويه الواسطي وعلي بن الجعد وسعد بن أبي إسرائيل وابن الهرش وابن علية الأكبر ويحيى بن عبد الرحمن الرياشي «٢» ، وشيخا آخر من ولد عمر بن الخطاب كان قاضي الرقة، وأبا نصر التمار وأبا معمر القطيعي ومحمد بن حاتم بن ميمون ومحمد بن نوح المضروب