للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التنعُّم، يقال: «كم ذي نِعمة لا نَعمة له» أي: كم ذي مالٍ لا تنعّم له. ويقال: نَعِم عيشُه: إذا طاب. وفلان يَنْعم نَعْمةً: أي يتنعَّم، من باب لبِس. وقولهم: «نَعِمتُ بهذا عينا» أي سُررتُ به وفرحت، وانتصاب عينا على التمييز من ضمير الفاعل (١)، ولما كثُر استعماله في هذا المعنى صار مثلًا في الرضى حتى قيل:

«نَعِمَ اللّه بك عَيْنا» كما قيل: «يدُ اللّه بُسْطانٌ» (٢) لما صارت بَسْطة اليد عبارةً عن الجود، لا أن للّه عينا ويدا، تعالى اللّه عن الجوارح عُلوّا كبيرا.

وأما قول مُطرِّفٍ: «لا تقل نَعِمَ اللّه بك عَيْنا فإن اللّه لا يَنْعَم بأحدٍ عينا، ولكن قل أنعم اللّه بك عَيْنا»: فإنكار للظاهر واستبشاع له. على أنك إن جعلتَ الباء للتعدية - ونصبتَ عينا على التمييز من الكاف الذي هو ضمير المفعول - صحَّ، وخرَج عن أن تكون العين للّه تعالى، وصار كأنك قلت: نعَّمك اللّهُ عينا أي نعَّم (٣) عينَك وأقرَّها. وأما: «أنعم اللّه بك عينا» فإما أن يكون «أنعم» بمعنى «نعَّم» فتكون الباء مزيدةً، أو يكون بمعنى دخَل في النعيم فتكون صلةً، مثلها في سُرَّ به وفرح، وانتصاب العين (٤) على التمييز من المفعول في كلا الوجهين.

وقال صاحب التكملة: «إنما أنكَر مطرِّفٌ لأنه ظنَّ أنه لا يجوز «نَعِمَ» بمعنى «أنعم» وهما لغتان، كما يقال: نَكِرْتُه وأنكرته، وزَكِنْته وأزكنته، أي علمتُه، وألِفتُ المكان وآلفْتُه»، قال:


(١) قوله: «وانتصاب … الفاعل» ساقط من ع.
(٢) اضطرب رسم هذا الحديث النبوي في النسخ ومعجمات اللغة، ومن ثم اختلفت الأقوال في تأويله. ففي ع:
«يدا اللّه يبسطان». وفي أساس البلاغة «بسط»: يدا اللّه بسطان». وانظر النهاية والتاج «بسط».
(٣) ع: أنعم.
(٤) في هامش الأصل: عينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>