للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجز تثنيةُ المشترك، وإن لم نشترطه، جازت تثنيةُ المشترك؛ لأن تعدد المعاني اختلافٌ في النوع لا محالة.

ومِمَّنْ جوّز تثنيةَ المشترك وجمعَه ابن الأنباري، والحريري، وابن مالك. واحتجوا بقول الرسول - عليه السلام -: "الأيدي ثلاث: يد الله [العليا]، ويد المعطي [التي تليها]، ويد السائل [السفلى إلى يوم القيامة، فاستعفف عن السؤال ما استطعت] " (١)، وعليه بنى الحريري قولَه في المقامة العاشرة:

جَادَ بِالعَيْنِ حِينَ أَعْمَى هَوَاهُ ... عَيْنَهُ فَانْثَنَى بِلَا عَيْنَيْنِ (٢)

أراد بالعين الأولى الذهب، وبالثانية البصيرة.

ومنع ذلك الجمهور، ولَحَّنوا الحريري. ولعلهم أجابوا عن الحديث بأن إضافة اليد إلى اسم الجلالة على طريق المشاكلة، فكان جمع الأيدي بهذا الاعتبار. وقال ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي ثم التونسي (٣): "إن اتفق معنى الاسم المشترك في موجب تسميتهما باللفظ المشترك، نحو عين للذهب والبصيرة". (٤)


(١) كذا أخرجه الحاكم، وما بين معقوفتين لم يورده المصنف. وجاء في رواية أخرى عنده وعند أبي داود بلفظ: "الأيدي ثلاث: فيد الله العليا، ويد المعطي التي تليها، ويد السائل السفلى، فأعط الفضْلَ ولا تعجز عن نفسك". النيسابوري، أبو عبد الله الحاكم: المستدرك على الصحيحين، نشرة بعناية أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي (القاهرة: دار الحرمين للطباعة والنشر، ط ١، ١٤١٧/ ١٩٩٧)، "كتاب الزكاة"، الحديث ١٤٨٦، ج ١، ص ٥٦٥؛ السجستاني، أبو داود سليمان بن الأشعث: سُنَنُ أبي دَاوُد، نشرة بعناية محمد عبد العزيز الخالدي (بيروت: دار الكتب العلمية، ط ٤، ٢٠١٠)، "كتاب الزكاة"، الحديث ١٦٤٩، ص ٢٧٠. وقد خرَّج الحاكم روايةً أخرى للحديث برقم ١٤٨٤ مختلفة في بعض ألفاظها، وقال بعدها: "هذا حديثٌ صحيحُ الإسناد، ولم يخرجاه".
(٢) الحريري: مقامات الحريري، ص ١٠٥.
(٣) الإمام النحوي الجليل علي بن مؤمن بن عصفور الحضرمي الإشبيلي، ولد بإشبيلية من بلاد الأندلس، ووفد إلى تونس واستوطنها. [ولد سنة ٥٩٧ هـ] وتُوفِّيَ سنة ٦٦٩ هـ. ألف كتبًا مهمة، منها كتاب المقرب. - المصنف. ومن مصنفاته أيضًا "الممتع الكبير في التصريف".
(٤) لم أعثر على كلام ابن عصفور فيما تيسر لي مراجعته من مصنفاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>